فرحة الجنوب.. نصرٌ يسكن القلوب

ما إن أُعلنت بشائر النصر من وادي وصحراء حضرموت ليلة أمس الأربعاء حتى علت الزغاريد في كل بيت جنوبي، وزينت الألعاب النارية والاعيرة المتوسطة والخفيفية السماء معلنة عن انتهاء حقبة باتت من الماضي، أبتداء من باب المندب وانتهاء بشحن المهرة، مالفت انتباهي وأنا أتابع الفرحة أمس في أزقة القرى وأحياء المدن كأن الجنوب كله قد استيقظ من حلم طويل وعلى فجر طال انتظاره طويلا حتى تحقق أخيرا ولم يكن "أضغاث الأحلام".

القوات المسلحة الجنوبية في عملية "المستقبل الواعد"، سطرت مجدا جديدا خالدا يكتب بحروف العزة في سجل التاريخ الجنوبي، الناس خرجوا تلقائيا وبعفوية مطلقة، لا دعوات مسبقة ولا بيانات مبيتة،  قلوب الجميع امتلأت بالنشوة، اغرورقت اعينهم بالدموع من شدة عظمة الفرحة أو أن جاز لنا تسميته "الفتح المبين"، وبلسان واحد رددوا "عاد الجنوب وسكنت القلوب.

اليوم في الأسواق في المقاهي في ساحات المدارس الكل يتحدث عن النصر المؤزر، اليوم صباحا كنت بأحد الاسواق الجنوبية واستمعت لرجل كبير السن يقول لي:
"يا ولدي هذا اليوم كنا نحلم به من زمان وظنناه لم ولن يتحقق حتى اكرمنا الله وأمد في اعمارنا لنشاهده ونتلمسه ونشم نسيمه "نسمات الحرية"، يقول: لقد شاب رأسنا ونحن ننتظره حتى أتى، بمعنى آخر أو الترجمة لحديثه كأنه أراد أن يقول (هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية!!)، وفي خظم الحديث يقول آخر بالقرب منه "وقد سقطت دموعه عنوة" 
(عيالي راحوا للجبهات واستشهدوا واصيبوا وتركوا في قلبي جرح عميق، لكن هذا اليوم كان لي بلسما لجراحي، وكل شيء فدى في سبيل حرية واستقلال جنوبنا العظيم)،
وقال أيضا: هذا مش نصر عادي هذا رجعة للكرامة ورجوع الجنوب لنا، ورجوعنا له اللي ضاع في زحمة السياسة!.

حقيقية شمس هذا اليوم لم تصنع  الانتصار بل صنعه الأبطال! انتصار للهوية وللكرامة للأرض اللي ضاعت سنين ورجعت اليوم بصوت البندقية ودم الشهيد، ولم تكن فرحة الجنوبيون اليوم بسقوط موقع أو انسحاب خصم، بل الجميع يحتفل برجعة جزء من أرواحهم وجزء من وطنهم الذي كان غائب عنهم على مدى ثلاثة عقود ونصف، لكنه اليوم حضر وبألق وبثوب زاهي.

الجنوب اليوم يكتب فصلاً جديداً من تاريخه، فصل وضاء ناصع لا غواش فيه، 
نصر مبين كما قلت، والذي اعتبرها وللامانة ليس نهاية الطريق بل بدايته، ومرحلة تتطلب وعيا سياسيا من القيادة الحكيمة بقيادة أبو قاسم "الرئيس عيدروس قاسم الزبيدي"، دعوة لوحدة وترتيب صف ورص الصفوف والتوجه  لبناء مؤسسات الدولة القوية التي تليق بتضحيات الشهداء، وعلى الجميع أن يحموا هذا المجد، لا بالكلمات وحدها، بل بالعمل وبالإخلاص، وبالمضي قدمًا نحو مستقبل، لان المستقبل الواعد ليس عملية عسكرية فقط، هو عهد جديد، وميثاق وفاء لوطن لا يموت.

فلاش!
"لم يعالج المقال بتقنية الذكاء الاصطناعي!.