يقظة التعافي أم رفسة الإحتضار ؟
لايزال صخب وضجيج الأصوات العالية المنتشية بما حدث من تغيرات وتحولات .. لايزال مستمرا دون توقف في محاولة مقصودة .. الغرض منها هو الترويج والتسويق .. لجعل المزاج العام في كل الأنحاء والإتجاهات جميعها يحمل طابع التناسق والتناغم الواحد .. كي يعكس صورة ترسخ في الأذهان أن تلك الأصدى تتردد في الآفاق دون أي وجود لصوت آخر بينها مخالف يعكر ذلك الصفو الأحادي الجانب الذي يراد له أن يظهر بهذا الشكل ، حتى بات يخيل إليهم بأنهم قاب قوسين أو أدنى من لقاء العفريت السياسي ، الذي لايفصلهم عن سماع كلمة "شبيك لبيك" إلا إيام معدودات . وأن هذا هو وقت وزمان ونجوم ظهوره - ليحقق الحلم المنشود الذي طال انتظاره .
هذا النوع من الترويج وهذه الأجواء السائدة هي الجزء الأهم من الحدث البطولي "الآكشن" الذي تم صياغة دراما وسيناريو أحداثه بعناية فائقة .. كيف لا وهو طوق النجاة الوحيد الذي امتد إلى مصدر تلك الأصوات ، وهو بمثابة قبلة الحياة التي منحت إلى ذلك الجسد المسجى وبثت فيه شيئا من الحياة بعد أن بات لم يعد فيه من رمق إلا بقايا خرق مهترئة ترمز لوجوده .. حين دب في من حوله اليأس .. وأصبح مستوى الثقة في الحضيض - فالإخفاقات التي رافقت مسيرته منذ البداية تسببت في تصدع البنيان الذي بات متهالكا هشا - تقلص على أثره حجم التأييد والإلتفاف .. وكان يصارع وينازع سكرات الرحيل المر .. فكانت الجاجة ماسة والضرورة ملحة إلى خارقة أو معجزة تسلب العقول وتبهر الأنظار - وكان ماكان ، أتت هذه الحبكة الدرامية في موعدها حيث أدت دورها كاملا .. و أحدثت إنتفاضة عارمة ويقظة مفاجأة نتج عنها صوتا و دويا عاليا لايزال يتردد صداه .
في حين أن باب الإحتمالات يظل مفتوحا على مصراعيه ومن ظمنها أن تلك هي رفسة الإحتضار ليس إلا .. التي غالبا ما تلتبس أحيانا بيقظة التعافي، في ظل هذا الجو المليء بالنعيق والزعيق والنفخ والتزمير .. الذي يصم الآذان ، ويرسل رسائل مبطنة مفادها " لا صوت يعلو فوق صوت .. " ، "وأنا ومن خلفي الطوفان " حتى وإن كان ذلك مع رفقاء الدرب ورفقاء المسيرة أنفسهم .. وحتى مع من هم على متن المركب وفي نفس الخندق ، ويربطهم نفس المصير .
وفي ظل كل هذه الأجواء المضطربة التي يصعب معها قراءة الأحداث قراءة منطقية واقعية تبقى حالة من التكهنات و التساؤلات تتردد في الإذهان - لأن وجه التشابه بين رفسة الإحتضار ، ويقظة التعافي غالبا ما تلتبس على الكثيرين .


