انقطاع الرواتب وغلاء الحقائب
ما أن ينتهي شهر أغسطس أو بالأصح في اسبوعه الأخير تقوم المدارس بفتح أبوابها معلنة بدأ العام الدراسي لستقبال التلاميذ وبه ومعه تبدأ عملية الاستنفار القصوى لأولياء الأمور في تجهيز أبناءهم الطلاب وهم بوضع يصعب عليهم توفير الحد الأدنى في توفير لقمة عيش كريمة لاسبوع واحد فقط!، وقبيل قرع أجراس المدارس معلنة العام الدراسي تنتشر "البسطات" والباعة والمكتبات في تنافس محموم لعرض كل ما لديهم من ملابس وأدوات قرطاسية بأسعار لاتنافسية ولا مخفضة ولا مناسبة بل غالية غالية.
لو أردنا تجهيز طالب في المرحلة التعليم الإبتدائي فأقل مبلغ يحتاجه 15ألف ملابس مدرسية فقط (بنطال وقميص)، طبعًا ملابس من النوع الرديء، بالإضافة إلى 5 آلاف آخرى لشراء أحذية من النوع العادي جدًا مع 5 آلاف آخرى أيضًا لشراء دفاتر وأدوات قرطاسية، و5 آخرى لشراء حقيبة مدرسية يطلع المجموع 30 ألف بعد التقنين والتمحيص، فلو افترضنا كان لولي الأمر "المتقاعد" ولدان أو ثلاثة كيف سيتصرف في مثل هكذا حال وراتبه الشهري 27/28 ألف!!.
وعطفًا على ما قيل فأن الكثير من الآباء لايكتفون بذلك وحسب بل يقومون بشراء الكتب المدرسية من الأسواق بعد شحها وندرتها في المدارس ليتضاعف المبلغ السابق، أن أقل سعر للكتاب الواحد ألف ريال بمعنى آخر قد تضطر إلى توفير عشرة ألف أخرى قيمة الكتب لطالب الصف الأول.
إذن ما الحل !!
أن غلاء الأسعار وانقطاع الرواتب وارتفاع سعر العملة ساهم بشكل كبير في تضاعف قيمة المستلزمات المدرسية مما ألقى بظلاله على انقطاع التلاميذ على مواصلة تعليمهم واحجامهم عنه والخروج من المدارس مبكرًا مكرهين لا أبطالًا.
والأحسن حظًا منهم من وجد ملابس قديمة من العام الماضي ممن سبقوه من طلاب جيرانه أو أقاربه مع 2دفاتر "كراريس" ولاتهم الأدوات الأخرى "الحقيبة والأحذية... إلخ.
في الحقيقة لقد ذهب الكثير من هولاء المنقطعين عن التعليم للأسواق أما راضين بعد سياسة الأمر الواقع المرير أو مكرهين "عنوة" من قبل من يعولهم لغرض البحث عن فرصة عمل يجدونها أو التصكع شهورًا دون فائدة وهم في سن صغير حتى يجدون مبتغاهم، أو الذهاب للمعسكرات للتسجيل فيها وهم لايزالون صغارًا في سن "احداث" والجميع يعلم عن مخرجات الأسواق والمعسكرات للأطفال حينما كان لابد من ذلك لكي يوفروا لقمة عيش لهم ولآهاليهم ولايهم عن مصدرها أو الجهة الآتية منه.
وعليه نحن نعيش أصعب وقت مر على الإنسان اليمني في التاريخ الحديث حتى في أصعب الأحداث وأوقات الحروب كانت الرواتب مستمرة شهريًا، والتعليم مستمر، والأسعار في متناول الجميع، والكتب المدرسية متواجدة، والمعلمين والمعلمات أيضًا متواجدين في الميدان، ومؤشر التعليم عالي ومخرجاته مرتفعة حتى ونحن بحالة حرب.
إذن ماذا يحدث لنا ومن يقف على عرقلة حركة العلم والتعليم والنهوض بمستوى الخدمات التعليمية ويسعى آلى تدهور الأوضاع السياسية والسيادية!، ولمصلحة من انحدار التعليم وهرولته إلى القاع!، بتأكيد هو نفسه من يقف إلى صف تهميش دور المعلم وحرمانه من حقوقه المشروعة "مع سبق الإصرار والترصد" واضطهاده ماليّا وتقليل وتثبيط دوره في مواصلة ديمومة التعليم.
اخيرًا على الحكومة أن تدق ناقوس الخطر وتنتبه لما يجري وأن تدرك وتتدارك مايحاك للبلد، بعدما فقد المواطن الأمن الغذائي والصحي والتعليم وندرة التعليم المجاني "كيفًا وكمًا" وانقطعت المرتبات الشهرية باستمرار، فمليار الفاصوليا الذي أنفق كفيل بتصحيح مسارات كُثر أهمها التعليم، وللمس المواطن ذلك بنفسه فهل أنتم توعون مانقول؟!