للأذكياء !

سأروي لكم قصة واقعية قديمة أيام الحراك الجنوبي، أنا طرف ثالث فيها بينما الطرف الأول معلم بلاط من تعز، وقد كان طيب جدا والطرف الآخر عامل من تريم. 

شاءت الأقدار أن يعملوا في مدرستنا كل على حده.

وفي يوم من الأيام عندما دخلت إلى المدرسة وأثناء تناول الفطور إذ بنقاش حاد بين التعزي والتريمي يتعلق بالجنوب وقضيته واستعادة الدولة، ولكن بحكم عدم خبرة التريمي في السياسة وجرأة التعزي ولباقته في الكلام دون تردد أو توقف، جعل كفته هي الراجحة مما دفع بالتريمي إلى التعصب والتلفظ بالفاظ سيئة.
كنت حينها مكتفيا بالانصات ولكن طلب مني التعزي وجهة نظري .

فطلبت حينها من التعزي أن يجاوب على سؤالين لا علاقة لهما بالسياسة، احداهما في البسنس والآخر عائلي. 
فسألته لو طلبت منك أن تشاركني في مشروع ضخم على أن تدفع أنت  عشرون مليون يمني وأنا ادفع فقط خمسة مليون والربح بالنصف . 

أتوافق ؟
رد علي مباشرة متهكما وباللهجة التعزية  .
مالك حد يتكلم في راسك
لم أرد عليه حينها وحبيت أن اضع عليه سؤالي العائلي فسألته :
كم اخوان تملك وهل أنتم معا في بيت واحد ؟

رد قائلا:  معي ثلاثة اخوان وعايشين معا .
فسألته لو جهة معينة طلبت أن تبني لاخوانك بيت مجاني ليستقروا فيه،  هل تمانع ؟
رد مباشرة : أكيد اوافق ليخففوا علينا في البيت. 
فأخبرته بعد هذا أن يربط اسئلتي وجوابه بالحديث الذي دار بينه وبين التريمي .

بدأ في التفكير وبعد دقائق بدأ يضحك ويقول حرام عليك لفيتنا. 
ارجو حتى أنتم فهمتوا المغزى من السؤالين والذي انتهى الجدال باعتراف التعزي بإن فيه ظلم وقع على الجنوبيين ومن حقهم أن يطالبو بحل عادل لقضيتهم بعيدا عن الحروب التي تنهك الشعوب وترسخ العداوة بين أطرافها. 
وأن يتم احترام وجهات النظر الأخرى وعدم التعصب وطرح الرؤى بعقلانية حتى يتأثر الطرف الآخر ويشعر برقي ثقافة أهل هذه القضية، ولربما قد يعترف بها ضمنيا.
ودمتم في رعاية الله