أرثي نفسي لا أرثيك ياسالم ...
بمَ أرثيكَ اليوم وقدَ جف الدمعُ من عيوني ..؟
أبالألم أرثيك أم بالمدحِ أهجوك وقد تمزقَ الفؤادُ ارباً ارباً حين وصلني النبأ الذي قصم ظهري والذي نزل عليا كالصاعقة ..
بما أرثيك اليوم يا أبا بكر فكل الحروف لا تستطيع أن ترثيك بماذا أبكيك يا قائدي فكل الدموع لا تعبر عن فقدك .. بماذا اكتب وبأي اقلام اخط حروف الوداع .
ها انا اليوم أرثي نفسي لا أرثيك ياسالم .. لم اعلم ان ليلة امس سيكون اخر اتصال اتلقاه منك وآخر مكالمة هاتفية بيني وبينك .. كيف لي اليوم ان ارثيك ولم أكن أدري أن الوقفة التي جمعتني بك في خور مكسر بالعاصمة عدن يوم الخميس الماضي ستكون الأخيرة..!
ومع أن نور وجهك الأبيض لفت انتباهي، لكن لم يدر بخلدي أبدا أن وجهك الأبيض هذا سيكون “الأبيض الأخير”!
أخبرتني آنذاك أنك على عجلة من أمرك وتريد الذهاب الى معسكر جبل حديد بعد أن قدمت من معسكر الجلاء بالبريقا ، إلا أنك لم تقل لي إن عودتك إلى الضالع ستكون هي العودة الأخيرة..
ألم تدعوني باصرار غريب يوم الخميس الماضي إلى أن أزورك يوم الأحد الى البريقا التي تقيم فيها خلال فترة الدورة العسكرية.. نعم كان بيننا موعد يا سالم ..
ما دهاها سيارتك؛ ألم تعرف أنها تحمل فارسا يندر مثيله؟ ما خطبه الشارع الذي لم يكن مستقيما مثلك؟ ما باله “الغدر” الأحمق لم يؤخر وقوعه؟ أي حماقة ارتكب؟!
هل لي ان التقيك بعد اليوم او اتلقى “رسائلك ..؟
أعلم جيدا اليوم انني لن التقيك ولن اتلقى رسالة جديدة منك بعد اليوم ولكن سيبقى طيفك حاضرا في احلامي وستبقى صورك ورسائلك المحفوظة نصوصها ومرفقاتها في هاتفي.. تذكرني بك ماحييت ؟ “
اليوم أغلق “عالمك” يا سالم قبل ان ازورك كما وعدتك ورحلت عنا ونحن في امس الحاجة لك ..
اليوم من ينقد الفاشلين ممن يديرون أو يسهمون بإدارة البلاد بعدك يا سالم ؟ من ينقدهم بشجاعة؟ بأدب جم.. بأخلاق عالية.. بتحليل منطقي.. بحجج تؤشر الخلل وتدعو لاصلاحه؟ من يقول لهم إن عليهم أن يعدلوا من مساراتهم المعوجة التي أضاعوا البلاد في تفرعاتها؟ من يعلمهم أن البلاد بلادنا وأن عملية ادارتها مسؤولية نحاسبهم على أي تقصير فيها؟ من يجسد صورة الناقد الذي يريد أن يبني لا يهدم..ينبه لا يهاجم.. أولوياته إنسانية – وطنية، لا نفعية – جهوية؟!
هل تعرف أي خسارة تكبدناها بفقدانك يا سالم؟.. تعرف أليس كذلك؟ ومع أنك تعرف أقول: كنت “عمودا” في المشروع السابق.. وكان القرار أن تكون كذلك في المشروع اللاحق.. لكن “الغدر” سبقنا إليك.. فيا له من فقدان..
المشاريع الحقيقية تحتاجك.. مشاريع التقويم والتصحيح لا يضطلع بها غير أنموذجك النادر .. أنموذجك الصادق.. أنموذجك الهادئ.. أنموذجك الذكي.. المراقب والمشخص.. الشجاع والفارس..
رحيلك طعننا يا سالم – نحن “المحدودون ذوو الأحلام الواسعة”.. كم تمنيت أن يكون كابوسا من كوابيسي التي لا تحتمل.. غير أني لطمت وجهي فالتطم بجدار الواقع الصلف.. الواقع الذي لا يستحي وهو يحمل نبأ وفاتك.. كم كانت ثقيلة على يدي المفردة الأخيرة..
سالم الخيلي لتحل روحك الطاهرة فينا كي تقوينا أكثر على تحمل الواقع وفاشليه وفاسديه ومتخاذليه وثعالبه..
سالم لك السمو والذكر الطيب.. ولنا الفخر بك ما حيينا.