"خوارزمية الأفكار .. رحلة الكاتب بين الإلهام والتعبير"
خاطرة جالت في ذهني ومرّت على مجامع أفكاري، فتذكرت محادثة بسيطة بيني وبين الأستاذ جهاد حفيظ، مدير مكتب الإعلام في مديرية لودر. دار الحديث حول صناعة المحتوى الفكري والمقالي لأي فكرة معينة.
تناولنا في الحوار كيفية استنباط أفكار المقال، وحبكة الأحداث، وتسلسل الأفكار، بحيث يصب في نهر القارئ بسلاسة، مقدمًا سردًا أو بنية مقالية متتابعة ومتوازنة في الأركان من حيث المعنى وصدق الطرح.
قال لي حفيظ: "أعجبني مقالًا لك!" فأجبته: "هكذا هي خوارزمية الأفكار؛ أجدها تارةً تهاجمني كما تهجم الحليلة على الشاعر." (والحليلة، كما هو متعارف، هي تلك السردية الشعرية التي تأتي للشاعر في لحظة الإلهام). وافقني حفيظ القول، مشيرًا إلى أن كتابة المقال ليست بالأمر السهل؛ فهي ليست كالفأس الذي يقطع الخشب دونما تناغم أو تسلسل في الأفكار، بل هي بوحٌ بمشاعر متدفقة وتعبيرٌ عن تجربة عميقة.
نحن حين نكتب، لا نكتب لتزيين كلامنا أو إرضاء أحد، وإنما لأن تراكم الأفكار في بعض الأحيان يخنق الكاتب. فإذا لم يعبر عمّا بداخله، سيشعر بالإنهاك الفكري والتيه الأدبي بين دهاليز الأفكار. وكما قال الشاعر حين وصف لحظات التنازل اللاإرادية: " أَحلامُنا تَزِنُ الجِبالَ رَزانَةً
وَتَخالُنا جِنّاً إِذا ما نَجهَلُ"
اتفقنا، حفيظ وأنا، أن الاحتراف في الكتابة ناتج عن قراءة متعمقة للكتب والأحداث. تلك الأحداث تشكل أحد أرفع مراتب الفكر والأدب في كتابة المقالات.
فالكاتب يجب أن يكون مفكرًا لا مفترسًا، متوشحًا بسلاح التعبير لا قاتلًا لأفكار غيره. وعلى من يفهم ذلك أن يكون حصيفًا، فطنًا، وذكيًا. تكفيه تلك الصعوبات التي يواجهها في بداية الأمر وهو يبحث عن الإلهام، مما يدفعه إلى الالتزام بعملية الكتابة حتى في غياب الأفكار الواضحة.
ولا شك أن معظم الكتّاب يبحثون عن التميز والانفراد في إبداعاتهم الأدبية. لذلك، من النصائح الجوهرية هنا هي تنويع المصادر الفكرية؛ فهي الوقود الحقيقي للكاتب المبدع الذي يسعى لصياغة أعمال أدبية استثنائية.
يُتبع لاحقًا...