القصيدة التي ذكرتنا بماضينا التليد يوم كنا على سفوح المجد.!!
الشاعر العربي نزار قباني لايضاهية شاعراً في العصر الحديث حين تجود قريحته الشعرية بوصف ماضينا المفقود او وصف نكباتنا المؤلمة في العصر الراهن..
ومنها قصيدته في وصف هزيمة العرب امام اسرائيل عام 1967م. بعنوان (هوامش على دفتر النكسة.) قال فيها:
السر في مأساتنا
صراخنا أضخم من أصواتنا
وسيفنا أطول من قاماتنا
خلاصة القضية
توجز في عباره
لقد لبسنا قشرة الحضاره
والروح جاهليه...
نزار قباني يوصل لنا المعاني في كلمات نفاذة تنفذ الى عمق مشاعرنا وتهزها بقوة وكأنه يعبر بلسان حالنا عما في، دواخلنا فنتفاعل مع قصائده بمشاعرنا الدفاقة لتفيض بحار حزننا على ماض اضعناه بايدينا
وقصيدته موضع حديثي هنا نقلتنا الى زمن غابر كان فيه العرب والمسلمون يقفون في صدارة العالم كله:
علماً وثقافة وديناً وقوةً وحضارة. وكانت الاندلس عروس الدنيا في ظل حكم العرب..
لكن حضارة العرب سادت ثم بادت..وتاهت سفينتهم في لجة لا ساحل لها.
يبدأ الشاعر القصيدة بذِكر مكان اللقاء الأول، وهو اللّقاء الحاصل في قصر الحمراء، إذ كان هذا اللقاء دون ميعاد يُذكر وإنّما بالصدفة الواقعة حينها، فيؤكد الشاعر أنّ هذه الصدفة أجمل وأروع من ألف لقاء مُتفق عليه.
الى القصيدة:
في مدخل الحمراء كان لقاؤنا
ما أطـيب اللقـيا بلا ميعاد
عينان سوداوان في حجريهم
تتوالـد الأبعاد مـن أبعـاد
هل أنت إسبانية ؟!
ساءلـتها
قالت: وفي غـرناطة ميلادي
غرناطة؟!
وصحت قرون سبعة
في تينـك العينين.. بعد رقاد
وأمـية راياتـها مرفوعـة
وجيـادها موصـولة بجيـاد
ما أغرب التاريخ كيف أعادني
لحفيـدة سـمراء من أحفادي
وجه دمشـقي رأيت خـلاله
أجفان بلقيس وجيـد سعـاد
ورأيت منـزلنا القديم وحجرة
كانـت بها أمي تمد وسـادي
واليـاسمينة رصعـت بنجومه
والبركـة الذهبيـة الإنشـاد
ودمشق، أين تكون؟
قلت ترينها في شعـرك المنساب ..نهر سواد
في وجهك العربي في الثغر الذي
ما زال مختـزناً شمـوس بلادي
في طيب "جنات العريف" ومائه
في الفل في الريحـان في الكباد
سارت معي.. والشعر يلهث خلفه
كسنابـل تركـت بغيـر حصاد
يتألـق القـرط الطـويل بجيده
مثـل الشموع بليلـة الميـلاد..
ومـشيت مثل الطفل خلف دليلتي
وورائي التاريـخ كـوم رمـاد
الزخـرفات..
أكاد أسمع نبـضه
والزركشات على السقوف تنادي
قالت: هنا "الحمراء" زهو جدودنا
فاقـرأ على جـدرانها أمجـادي
أمجادها؟!
ومسحت جرحاً نـازف
ومسحت جرحاً ثانيـاً بفـؤادي
يا ليت وارثتي الجمـيلة أدركـت
أن الـذين عـنتـهم أجـدادي
عانـقت فيهـا عنـدما ودعتها
رجلاً يسمـى "طـارق بن زياد"
نزار لو أدرك زماننا لكتب ألف ألف ديوان في وصف مآسينا.
مأساة فلسطين اليوم ، تكاد تصير مأساة وطننا العربي بأكمله.
أما المفارقة الموجعة فتكمن في أن من لم يصله البلل بعد، يرقص طرباً ظنا منه أنه في مأمن من الغرق، وما ظنه إلا كظن ابن نوح.