"لن أقرأ رواية لروائية منقبة تخفي وجهها ، حتى لو فازت بجائزة نوبل."

بقلم/  رانيا عبدالله الحسني

شخص ما لا أعرفه وليست محطتي اسمه، كتب هذه الكلمات كنوع من ممارسة حرية التعبير والرأي كما وصفها ضمنيا.

في العالم (المتقدم) كتب الكثير من الكتاب والروائيين بأسماء مستعارة، كتب رجل باسم امرأة، وكتبت امرأة باسم رجل، وكتب اثنان على أنهما واحد، ونجحوا نجاحا كبيرا وحصدوا الجوائز دون أن يعرف الناس هويتهم النوعية أو عددهم إلا بعد فترة زمنية ليست بالقليلة، وعندما كنا (متقدمين) كتب طه حسين والبردوني وهما الكفيفان اللذان زلزلا أفكار ومشاعر معاصريهم وأجيالا متعاقبة بعدهم، وقرأنا لكتّاب وصلتنا أفكارهم وإبداعاتهم دون أن نلهث للعثور على صورة لملامحهم، قرأنا للميت والحي، للخفيّ والظاهر؛ لأن الفكرة والإبداع لا يمكن تأطيرهما ووضع القواعد لهما بأي شكل من الأشكال في ملامح وجه أو قفاء...

أتذكر أن صديقة روت لي حوارا دار بينها وبين روائي يمني (معروف) أيّا كانت قاعدة المعرفة، روت أنها كانت تناقشه في مسائل فكرية، فسألها في المنتصف: هل أنت منقبة؟ قالت له نعم، قال لا أستطيع مناقشة امرأة منقبة تخفي هويتها.

مع أنها كانت تناقشه عبر وسيلة يستخدمان فيها الكتابة، ومع أنها في لحظة النقاش كانت في البيت، لا نقابا ترتديه ولا غطاء رأس، ولم تكن هي بالمقابل تراه لحظة النقاش لتقرأ كما يزعم أفكاره في ملامحه بحكم أن الملامح تعبر كل لحظة ولا يمكن تجميد انفعالها في صورة!

إن مثل هذه العقليات لم تستطع بعد تجاوز المظهر إلى الجوهر، والإبداع، والفن، والفكر أنماط جوهرية لأسمى مايميز الإنسان عن باقي الكائنات، وأجزم أن أي مبدع أو مفكر حقيقي لن يضيف له شيئا إن قرأت له هكذا عقليات...

وبالمقابل لا أرى أنه قد يضيف لقارئ يبحث عن سمو الفكرة وعمقها، القراءة لشخصيات يقف عقلها عند الأنف والشفتين والوجنتين مهما كانت المصوغات التي تسوقها...

رانيا عبدالله الحسني