تفسير مفيد

كتب /  أبو زين ناصر الوليدي

لماذا يتعسر التقارب بين الفرقاء السياسيين والدينيين في المجتمعات المتخلفة؟
أظن والله أعلم أن سبب ذلك كون الفرقاء محملين بكثير من أسباب الخلاف المستبطنة في وجدانهم جميعاً، ويكون الخلاف السياسي أو الخلاف الديني محور تدور حوله خلافات كثيرة، ولهذا حتى وإن وجدت بعض التسويات السياسية والدينية فإن بقية الأسباب تحول دون أي تقارب، فإنك تجد مثلاً في القبيلة الواحدة انقسام يتوزع حسب بيوت القبيلة فهذا البيت ينتمي إلى حزب سياسي معين وذاك البيت ينتمي إلى حزب آخر معارض له، والبيتان في الأصل بينهما الكثير من الشقاق والتنافس والإحن، فتتلبس كل هذه الأسباب بغطاء سياسي أو ديني تستر به مساحات اللا منطق في خلافاتها، ولربما وقع ذلك بين قبيلتين أو منطقتين.
وأتذكر أني كنت في مطلع التسعينيات في زيارة عمل لإحدى المديريات القبلية، وكان حينها دوري رياضي، ولفت نظري أن إحدى أهم القبائل في تلك المنطقة تنتمي كلها - برها وفاجرها- إلى حزب معين، وحتى كان اسم فريقها الرياضي على اسم الحزب ووضعت اسم الحزب وشعاره على ثياب الفريق، وهذه القبيلة بينها وبين معظم القبائل في تلك المنطقة خلافات وتنافسات. 
وفي إحدى القبائل القريبة منها ثلاثة بيوت كبيرة، وكل بيت ينتمي إلى جماعة إسلامية معينة.
هذا من ناحية.
وضف إلى ذلك ضعف مستويات الوعي، وشحة مصادر الثقافة، وغلبة روح العناد والتعصب، مما يجعل الانتماءات تتحول من تنوع رؤى ومشاريع واختلاف في التفسيرات إلى مايشبه ( المفاحسة) والتي تعتبر فيها أي صورة من صور التقارب والتفاهم نوعاً من الهزيمة ولي الذراع ورفع راية الاستسلام.
وعلى هذا يمكنك تفسير صعوبة التقارب والتصالح بين الفرقاء في أوطاننا المتخلفة .