مسرحية بعنوان ( سم سم )
كتبها / أبو زين ناصر الوليدي
يأتيني خاطر أن أكتب مسرحية مستوحاه من التاريخ، ولكن ليست بدقة الحوادث كما جاءت، يتدخل فيها الخيال، وفجأة أقفز من خيالي واسترسالي فيه لأجدني أنتقلت من التاريخ والخيال إلى الواقع، فإذا أنا أعيش خيالي بكل تجلياته وتفصيلاته، بل أن الواقع سيكون أكبر رافداً لأحداث مسرحيتي المتخيلة حتى أن خيالي يتلاشى ويتضاءل أمام وضوح الواقع وضخامة حوادثة وتدفق وقائعه وكأنه سيل طمى على خيالي البسيط فجرفه كما يجرف السيل شجرة صغيرة حاولت أن تنمو وسط الوادي في زمن توقف السيول
دعكم من الاستطراد فلنعد لمسرحيتي.
أحداث المسرحية تجري في المدينة النبوية وتبدأ أحداثها في ضحى يوم الإثنين حين مات النبي صلى الله عليه وسلم.
طبعا في هذه المسرحية يكون عبد الله بن أبي بن سلول لايزال على قيد الحياة رغم أنه قد مات قبل ذلك بسنوات، ولكن حاجة المسرحية إلى شخصية بوزنه الثقيل أرغمت الكاتب على استدعائه لأنه لم يجد من يستطيع أن يمثل دوره الضخم.
الصحابة مفجوعون برحيل الرسول صلى الله عليه وسلم ومنشغلون بدفنه وتوديعه، والمصيبة شغلتهم عن أي أعمال أخرى، وعندما يتأكد عبد الله بن أبي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد دفن تحت التراب فإنه يتحرك داخل المدينة معتمدا على خلاياه النائمة وحلفائه من القبائل العربية ومن بقي من اليهود وبدعم وغطاء من الفرس والروم فيقود إنقلابا داخل المدينة ويسيطر عليها سيطرة كاملة ويقطع خطوط دعمها وإمدادها ويفرض الأمر الواقع الجديد.
فهو صاحب الديار وقد كان يوشك أن يعين ملكا على يثرب قبل الإسلام فلا أحد أحق منه بالحكم.
الخطوة الأخرى التي يقوم بها قائد الانقلاب - حسب المسرحية- هي اعتقال كبار الصحابة والزج بهم في السجون، فترى أبا بكر وعمر وعثمان وعلي وسعد والزبير ومحمد بن مسلمة وأسيد بن الحضير وأبا عبيدة وبقية الكبار وهي تداهم بيوتهم وتقيد أيديهم فيساقون إلى السجن، وبسرعة هائلة تجري إعادة ترتيب الجيش وتوزيع المناصب القيادية للسرايا والقبائل الحليفة ويعلن عبد الله ابن أبي عن عهد جديد في المدينة يتسم (بالأمن والاستقرار والسلام) مع القبائل والدول المجاورة.
طبعا المجتمع لن يتقبل عبادة الأصنام والعودة للوثنية ولهذا يعلن فخامته أنه باق على العهد وأنه سيواصل مسيرة النبي محمد ولكن بعيدا عن (التفسيرات المتطرفة والإرهابية للنصوص المقدسة)، وسيشكل لجنة لكتابة القرآن الكريم وتفسير نصوصه تفسيرا ينطلق من منطلقات العهد الجديد (عهد الحب والسلام والتعايش والورود الحمراء والبيضاء)، ويظهر صاحب الفخامة ابن أبي بن سلول وهو يعقد اجتماعا مع الإعلاميين (الواعين الذين يحبون بلدهم ويحبون السلم) حتى يرسم معهم خطة الإعلام الجديدة بعيدا عن (الخطاب المتطرف)، ويغيب عن اجتماع الإعلاميين هذا حسان بن ثابت وكعب بن مالك وذلك بسبب معارضتهم للإنقلاب مما أضطر جهات الاختصاص أن تعتقلهم وتصادر دواوينهم وتتحفظ على ممتلكاتهم.
وفي الجانب الاخر يصل إلى المدينة سفراء الفرس والروم لتطبيع العلاقات بين البلدين وصياغة وثيقة مشتركة لمكافحة الإرهاب وتبادل وجهات النظر حول محاكمات مرتقبة لخالد بن الوليد وعمرو بن العاص ومعاذ بن جبل والزبير وسعدوبقية المعارضين لما يشكلونه من تهديد على الأمن والسلام العالمي، وذكر في الاجتماع احتمالية فتح نوافذ حوار مع كبار الصحابة حتى يسلموا بالأمر الواقع ليعيشوا مواطنين مسالمين أو تحت الإقامة الجبرية وربما التفكير في توفير منفى آمن لهم.
أما بقية المسرحية فهي موجودة على أرض الواقع بكل تفاصيلها.
الفارق أن الجزء الأول من المسرحية لم يتحقق، بينما تأخر الجزء الثاني لأكثر من ١٣٠٠ سنة.
.