هل انتصرت غزة؟

كتب: أبو زين ناصر الوليدي

قال صديقي: هل فعلاً طوفان الأقصى يستحق هذا الثمن الباهض ؟
مدينة مدمرة وعشرات الآلاف من القتلى وأكثر من مائة ألف جريح ووو.
قلت يا صديقي الجميل: وهل يتحقق النصر في كل زمان ومكان إلا بشهداء وجرحى وتهديم للبيوت وتخريب للأرض، هل انتصرت فكرة يوما ما بغير الدماء والأشلاء؟ !!
وهل قامت دولة النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة النبوية إلا بعد شهداء وجرحى وأسرى وتدمير للبنية التحتية للمدينة النبوية ؟
ألا تعلم أنه في معركة أحد أبيد عشر جيش المسلمين ؟ 
ومثلهم أبيد يوم بئر معونة، غير شهداء بدر وشهداء يوم الرجيع وشهداء الخندق وخيبر وحنين وغيرها، غير ما تعرضت له المدينة النبوية من الحصار والتجويع وخراب المزارع وترويع الآمنين.؟؟؟ 
وهل نال الشعب الجزائري حريته إلا بعد أن قدم سبعة مليون شهيداً وأبيدت مدن وقرى جزائرية بأكملها ؟
وهل نال الشعب السوري حريته من فرنسا إلا بعشرات الآلاف من الشهداء وبتدمير المدن؟
وهل نال الشعب المصري حريته من فرنسا نابليون إلا بعد أن دخلت الخيل الأزهر وعلقت الناس على المشانق ؟
وهل انتصرت طالبان على الإمبراطورية الأمريكية إلا بعد خمسين ألف شهيد ومئات الآلاف من الجرحى وأضعافهم من النازحين ؟
ثم يا صديقي: لقد رأينا كيف دمر الزلزال والسيول المدن في باكستان والمغرب وليبيا وغيرها من بلاد الإسلام وقتل في أقل من يوم واحد عشرات الآلاف وأبيدت مدن بأكملها ؟!
*قال صديقي: كل الأمثلة التي ذكرتها كانت ثمرتها الانتصار فهل انتصرت حماس في غزة ونال الشعب الفلسطيني حريته وتحررت فلسطين من البحر الى النهر ؟*
قلت يا عزيزي: وهل انتصر النبي صلى الله عليه وسلم وأقام دولته وهزم عدوه خلال (٥٠٠) يوم؟ 
وهل نالت الجزائر والمغرب وسوريا وأفغانستان وغيرها حريتها خلال ( ٥٠٠) يوم؟ 
ما جرى في غزة هو فصل من فصول كفاح شعب لم يتوقف يوماً عن معركته مع أخبث عدو على وجه الأرض، وهذه المعركة كسابقاتها ومثيلاتها في كل دول العالم إنما تقرب الشعوب من نيل حريتها وتضعف شوكة عدوها.
فلم يكن يوم فتح مكة بعد ثمان سنوات من الكفاح النبوي إلا ثمرة لتضحيات يوم بدر وأحد والخندق وقريظة وخيبر وبئر معونة ويوم الرجيع .
*قال: ولكن فارق القوة بين إسرائيل وحماس هائل وكان على حماس أن تحسب حساب ذلك قبل أن تضحي بالناس.*
قلت لقد ضحت حماس بخيرة قادتها ورجالها ومقاتليها قبل أن تضحي بالناس، ولم يكن يوما فارق القوة سببا في استسلام الأحرار لأعدائهم.
فهل إذا قررت الولايات المتحدة الأمريكية مثلا الزحف على السعودية مع فارق القوة الأسطوري بين الجيش الأمريكي والجيش السعودي، فهل على الشعب السعودي أن يرفع الراية البيضاء ويستقبل الجيش الأمريكي بالورود حتى لا تدمر المدن ولا يقتل مئات الآلاف من الشهداء؟ وقل مثله إذا قرر الجيش الأمريكي أن يغزو مصر أو الجزائر أو باكستان؟
أم أن الشعوب الإسلامية سوف تهب لمواجهة أقوى جيش في العالم مهما كانت النتائج ؟
وهل (تعقل) الشعب الأفغاني حين زحف على بلده الجيش الأحمر السوفيتي ورفع الراية البيضاء وحافظ على الرجال والنساء والاطفال والمدن، أم وقف بأدواته البسيطة يقاتل الدب الروسي فخسر مئات الآلاف من الشهداء وملايين من النازحين ومسحت قرى ومدن من خريطة البلاد بفضل التفوق الجوي والصاروخي السوفيتي ؟!
ولهذا يا صديقي قال شوقي: 
*وللحرية الحمراء باب*
*بكل يد مضرجة يدق* 

وقبله قال المتنبي: 
*لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى* 
*حتى يراق على جوانبه الدم* 

ولن أذكر لك أمثله من تضحيات الشعوب غير المسلمة وما قدمته حتى تنال حريتها وتستعيد أرضها وكرامتها.
*رحم الله الشهيد إسماعيل هنية* 
*رحم الله الشهيد يحيى السنوار* 
*رحم الله الشهيد العاروري*
*رحم الله كل شهيد سقط في هذه الحرب.*
ولا عزاء للخونة والعملاء والمنافقين 

وإنه لجهاد نصر أو استشهاد 
وسيأتي اليوم الذي نستعيد فيه الأرض المقدسة من البحر الى النهر ويعود لنا أقصانا السليب.
وإن غداً لناظره قريب 
.