فمتى سيعاد ترتيب الأحرف ليصبح الألم أملاً.
بقلم: موسى المليكي.
من يشاهد معاناة الجرحى يعلم أنه لم يعد هناك مكان آخر لتضميد الجروح في الداخل. كلما بدأت الجروح تلتئم، نتفاجأ بجروح جديدة تنزف في الوطن وتصل الينا حتى الموت.عجزت كل العقاقير عن مداواتها وكل طبيب عجز عن مداواتها.
قريب جداً على مشارف الولوج إلى النهاية الأبدية. كل يوم نطرق مسماراً في النعش. بلغ الألم ذروته واشتد ضرواه وانهد الحيل وخاب الأمل وتطاول اليأس وانتزعت الثقة. تعانق الروح عنان السماء فتصعد تارة وتتوقف تارة أخرى.
بدون احتياطات الأمان، نسافر حيث لا ندري ولا نهاية لسفرنا الطويل. بذلنا أغلى سواعدنا وأرجلنا وعيوننا للوطن، في وقت كان فيه الوطن مشلولاً دون أرجل ينهض بها ودون عيون يستضيء بها. هذا هو العطاء الذي ليس له مثيل؛ فمن يكرم الجريح الذي فقد أحد أطرافه أو جوارحه ؟ ربما لم يره الناس يسجل هدف دبلكي أمام الكاميرا، لكنه سجل على تراب الوطن تاريخ نضاله بقطرات دمه. من يكرم أسر الشهداء الذين أصبحوا أهدافاً حقيقية في باطن تراب الوطن؟
هؤلاء الذين قدموا أرواحهم لنعيش بكرامة بها. فهل سيذكرهم الساسة والساكنين في فنادق الرياض والقاهرة أم أننا نعاقب بالتجاهل من يضحي من أجلنا ؟
نتحول إلى هوامش الحياة. لهذا تجد إنجازاتنا هامشية كقادة المرحلة لأننا هناك من أستخدمها للتحقيق أهدافه
ليس هناك أمر في المشاعر أشد مرارة من البكاء وحيداً، ولا تجد من يشعر بحزنك أو يداوي جرحك. فخيبات الأمل تتردد كثيراً على وجوهنا.
نرتقب بزوغ الفجر على بصيص من الأمل المفقود، ونتطلع لغدٍ مبني على أنقاض أشلائنا وبقايا خلفتها مآسي الحروب. فمتى سيعاد ترتيب الأحرف ليصبح الألم أملاً؟ فقد سئمنا ما نشدناه وتحقق ما لم نرجوه، واستوطنت في الأحشاء خيبة الأمل، وحل فينا الخوف وعلت أصوات الأنين والحزن. عانقت أرواحنا عنان السماء فتصعدت.