شرعية اليمن ، وشرع سوريا ،،
بقلم: د. سعيد سالم الحرباجي
مَن يَهُن يَسهُلِ الهَوانُ عَلَيهِ ***
ما لِجُرحٍ بِمَيِّتٍ إيلامُ.
هذا بيتُ من قصيدة لأبي الطيب المتنبي ...
تذكرته وأنا أتابع ما فعله الشرع في سوريا خلال ( شهرين فقط ) .
فحاولت أن أتأمّل، والتمّس، وأتحسّس، وأبحث، وأفتش في دفاتر { الشرعية } عن منجز واحد يمكن لنا أن نتحدث عنه لعشرة أعوامِِ مضت من عمرها الزمني...
لكن للأسف بارت كل محاولاتي، وفشلت كل حيلي، وخابت كل أفكاري... ولم أعثر على أي أثر يمكنني أن أتحدث عنه.
فلملمت خيباتي، وانكفأت على حزني، وانثنيت على آلامي، وكسّرت أقلامي، وطويت صحائفي...
وصوّبتُ بصري إلى السماء، ورفعت أكفّي بالدعاء قائلًا: ( اللهم أنزل عليهم صاعقة من السماء تريحنا منهم )
تلك عشرة كاملة...
عشرة أعوام انسخلت من عمر المواطن اليمني، وهو يغالب أوجاعه، ويداري آلامه، ويلملم جراحاته، وَيُمنِّي أحلامه بأنّ أولئك المحنطين ستحرك ضمائرهم هذه الأوضاع المأساوية، وسيعملون على وضع معالجات عاجلة لإنقاذ رمق الحياة التي يعيشها المواطن...
لكن يبدو أنّهم في عداد الموتى!!
وواهم ألف مرة من يظن أنّ لديهم ذرةً من وطنية، أو جُزيءً من إنسانية!!
ولا ينكر هذه الحقيقية إلا من له مصلحة شخصية.
للأسف يتسابقون على الفتات المتساقط من عواصم دول الخليج، وتركوا الشعب فرسية لعصابات الإجرام، وغنيمة لمافيا الفساد المالي، وهدية لجشع التجار.
أهانوا أنفسهم بالارتماء في أحضان الخارج...
فكل منهم يستقوي على الشعب بعمالته لجهة، وكل منهم يعرض نفسه بأنه العميل الأنسب، ويقدم خدماته للكفيل بأن يعبث بثروات البلاد كيفما يشاء؛مقابل حمايته، واستمراره في منصبه.
{ والشعب له الجوع، له الموت، له المآسي }
تلك هي نتيجة
الارتهان للخارج، وهذه هي ثمرة العمالة للأعداء...
{ ذل، وعجز، وهوان، وخواء، وخنوع، وخضوع}
لقد صدق المتنبي حينما قال:
مَن يَهُن يَسهُلِ الهَوانُ عَلَيهِ ***ما لِجُرحٍ بِمَيِّتٍ إيلامُ
اليوم السعودي تجاوز حاجز الست مائة...
هل سمعتم أنّ واحدًا من أدعياء الوطنية أنكر هذا الارتفاع الجنوني للصرف؟ أو لوّح مجرد تلويح بالاستقالة؟ أو خرج في مؤتمر صحافي يطمئن الشعب بمعالجات !!!
أكيد الإجابة بالنفي؛ وذلك لسبب بسيط ( لأنهم في عداد الموتى ).
الوطنية فعل ...وليست شعارات.
والقيادة رؤية وخطة، وتصورات مكتوبة.
وهذا هو الفرق بين شرعية اليمن وشرع سوريا.
ظهر الشرع من أول يوم يتبنى فيه فكرة الخلاص من نظام بشار الأسد، وهو يتحدث عن رؤيا واضحة، واستراتيجية مبنية على أسس علمية، وحدد زمن الخلاص بنفسه ....فكانت النتيجة ما نرى، ونشاهد.
وحينما سقط النظام الإجرامي خرج للشعب وتحدث بلغة الأرقام، وأعطى وعودأ بمنطق الأزمان.
وهاهو اليوم وفي- غضون شهرين - يجمع كل قوى المجتمع في خندق واحد، ويضبط الأمن بصورة غير متوقعة، ويوقف عجلة الانهيار الاقتصادي، ويبدأ بتحسين الخدمات، ويفتح المجال للاستثمار، ويرفع أجور الموظفين بواقع ( أربع مائة في المائة ) ويستعيد عافية العملة المحلية بنسبة ( 60%) ويجعل كل دول العالم
تخطب وده، وتتمنى رضاه، وترجو تعاونه.
وها هو في أول انطلاقة له إلى الخارج - بعد تنصيبه رئيسًا لسوريا - تُفتح له الكعبة، ويدخل السعودية رااااافع الهامة، ويُستقبل استقبال العظماء.
ومن الرياض إلى أنقرة التي تزينت له تزين العروس، ويُستقبل بحفاوة نادرة.
فأين قيادة الشرعية من هكذا عز ؟؟!!!
عشرة أعوام والشرع يشِّرع لهذه اللحظة...
وعشرة أعوام وقيادة الشرعية تشرعن للإحتلال
الخارجي لليمن.
فأين الثراء من الثريا؟!
تبًا لكم ما أتعسكم !!
نحن لا نجهل من أنتم ..
غسلناكم جميعًا، وعصرناكم، وجفّفنا الغسيلا.
أنتم الأعداء..
يا من قد نزعتم صفة الإنسان من أعماقنا جيلًا فجيلا.
إرحلوا عنَّا ..فنحن لم نعد نسألكم إلا الرحيلا.