فبراير، نكبة شعب ودمار وطن

شهدت اليمن في 11 فبراير 2011 حدثًا مفصليًا غيّر مسار البلاد لعقود قادمة، حيث اندلعت احتجاجات شعبية تحت شعار التغيير والإصلاح، لكنها سرعان ما تحولت إلى فوضى سياسية وأمنية أفضت إلى انهيار الدولة ومؤسساتها، والتي كانت يوم أسود في تاريخ اليمن الحديث، حيث اعتبرها البعض بأنها ثورة، لكنها في الحقيقة كانت نكبة حلّت بالشعب وأدت إلى دمار الوطن.

من الشعارات الحالمة والبراقة التي هتف بها أصحاب ثورة 11 فبراير إلى واقع مرير،  بل ومؤلم، لن تتحاوزه اليمن لسنوات عدة قادمة، لقد دخلت اليمن في دوامة من الصراعات بعد فبراير 2011، حيث أُسقطت منظومة الحكم دون وجود بديل مستقر قادر على إدارة البلاد، فتفاقمت الأوضاع السياسية، وازدادت التدخلات الخارجية، مما أدى إلى تصدع النسيج الاجتماعي وانقسام القوى السياسية.

الفراغ السياسي الذي خلفته هذه الأحداث فتح الباب أمام صراعات داخلية بين القوى التي كانت تتقاسم النفوذ، وهو ما جعل اليمن ينتقل من أزمة سياسية إلى نزاع مسلح مستمر، كانت نتيجته المباشرة انهيار الدولة، وانتشار الفوضى، وتدهور الاقتصاد، وتفاقم الأزمة الإنسانية.

الانهيار الاقتصادي والمعيشي، بعد نكبة 11/ فبراير، منذ العام: 2011، وحتى اليوم في العام 2025 دخل اليمن في أزمة اقتصادية حادة، حيث تدهورت العملة الوطنية، وتوقفت عجلة التنمية، وانهارت الخدمات الأساسية مثل: الصحة، والتعليم، والكهرباء، مما جعل المواطن البسيط يدفع الثمن الأكبر لهذه الأحداث.

أدت الفوضى إلى هروب المستثمرين، وإيقاف العديد من المشاريع التنموية، كما تسبب الصراع في تدمير البنية التحتية، وتعطيل القطاعات الإنتاجية، مما عمّق معاناة اليمنيين وجعلهم يواجهون أسوأ أزمة إنسانية في العصر الحديث، بل وحتى دعاة هذه النكبة كانوا في طليعة الهابون من أرض الوطن تحت مسميات كاذبة، انتصروا هم بجمع الأموال العامة، ومات الشعب، وهتفوا ارحل.. ارحل، فرحلوا هم، وبقي من قامت هذه النكبة على إزاحته وتغييره من سدة الحكم ..

وقد أفرزت نكبة 11 فبراير أن تنامى النفوذ الخارجي وتفكك السيادة الوطنية،  أن أحد أخطر تداعيات نكبة 11 فبراير من العام 2011 هو التدخلات الخارجية في الشأن اليمني، حيث تحولت البلاد إلى ساحة صراع إقليمي ودولي، مما أفقدها استقلالية القرار الوطني، وجعلها رهينة لأجندات خارجية متضاربة.

كما أن الصراعات السياسية بين الأطراف اليمنية المتنازعة أدت إلى تعدد مراكز القوى، وتقسيم البلاد فعليًا، مما جعل استعادة الوطن والحفاظ على سيادته واستقراره حلمًا بعيد المنال في ظل الظروف الحالية.

وفي الاخير هل هي ثورة أم نكبة؟
بالنظر إلى النتائج الكارثية التي حلت باليمن منذ فبراير 2011، يرى كثيرون أن هذا التاريخ يمثل نكبة حقيقية، حيث لم تجلب الاحتجاجات التغيير الإيجابي المنشود، بل أفرزت أوضاعًا أكثر سوءًا أدت إلى تدمير الوطن وتشريد الشعب.

وفي ظل هذا الواقع، يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن لليمن أن يتجاوز هذه الحقبة السوداء ويستعيد استقراره؟ هل بالإمكان إصلاح ما دمرته الصراعات، أم أن البلاد ستظل رهينة لهذا الانقسام لعقود قادمة؟


     ودمتم سالمين