الجهل: الجذر الخفي لأزمات المجتمعات

بقلم: منصور بلعيدي_

الجهل ليس مجرد غياب المعرفة، بل هو قوة خفية قادرة على تحويل المجتمعات إلى ساحات للفوضى والفساد والجريمة. عندما يتداخل الجهل مع عناصر أخرى مثل الفقر أو المال أو السلطة أو الدين، يصبح أداة خطيرة تُهدد استقرار الدول وتماسك الشعوب. إنه العامل المشترك الذي يفسر الكثير من الأزمات التي تعاني منها المجتمعات اليوم.

الجهل مع الفقر: طريق إلى الجريمة
عندما يجتمع الجهل مع الفقر، يصبح الإنسان محاصراً بين الحاجة والضعف. غياب التعليم والمعرفة يجعل الفقير عاجزاً عن إيجاد حلول مشروعة لتحسين حياته، مما يدفعه أحياناً إلى الجريمة كوسيلة للبقاء. الجهل هنا لا يخلق فقط مجرمين، بل يُنتج بيئة خصبة لتفشي العنف والاضطراب الاجتماعي.

الجهل مع المال: فساد بلا حدود
المال في يد الجاهل يتحول إلى أداة للفساد. غياب الوعي يجعل صاحب المال يعتقد أن الثروة تمنحه الحق في تجاوز القوانين واستغلال الآخرين. الجهل يُغذي الطمع ويُعمي البصيرة، مما يؤدي إلى انهيار القيم الأخلاقية وانتشار الفساد في المؤسسات والمجتمعات.

الجهل مع السلطة: استبداد مطلق
عندما يصل الجاهل إلى السلطة، يتحول الحكم إلى استبداد. 
غياب المعرفة والوعي يجعل المسؤول يعتقد أن القوة تمنحه الحق في السيطرة المطلقة، دون اعتبار لحقوق الشعب أو مصلحة الدولة. 
الجهل في السلطة يُنتج قرارات عشوائية، ويُعمق الفجوة بين الحاكم والمحكوم، مما يؤدي إلى انهيار الثقة وانتشار الظلم.

الجهل مع الحرية: فوضى بلا قيود
الحرية في يد الجاهل تتحول إلى فوضى. 
غياب الوعي يجعل الإنسان يسيء فهم الحرية، فيراها حقاً مطلقاً دون مسؤولية. 
الجهل يُفسد مفهوم الحرية، ويُحولها إلى أداة لتدمير القيم الاجتماعية، مما يؤدي إلى تفكك المجتمعات وانتشار الفوضى.

الجهل مع الدين: الإرهاب والعنف
الدين في يد الجاهل يصبح سلاحاً خطيراً. 
غياب الفهم الصحيح للنصوص الدينية يجعل الجاهل يفسرها وفق أهوائه، مما يؤدي إلى التطرف والإرهاب. الجهل يُحول الدين من رسالة سلام إلى أداة للعنف، ويُشوه صورة الإيمان في أعين العالم.

التعليم هو الحل
الجهل هو العدو الأول للمجتمعات، وهو العامل المشترك وراء الكثير من الأزمات. الحل يبدأ من التعليم، الذي يُنير العقول ويُحرر الإنسان من قيود الجهل. بناء مجتمعات واعية ومتعلمة هو الطريق الوحيد لتجنب الجريمة والفساد والاستبداد والفوضى والإرهاب، ولإرساء أسس العدالة والسلام.