طوفان الأقصى .. وإن عادوا عدنا
قال تعالى ..
{ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ } الآية
لكم الله يا مجاهدى و أبناء غزة .. فالربما وددتم أن تتم صفقة تبادل الأسرى على ماهي عليه دون عراقيل ، وأن يبدأ التفاوض للمرحلة الثانية من الإتفاق الذى أرغمتم عدو الله وعدوكم وعدو الأسلام والإنسانية جمعا على توقيعه معكم بعد أن خارت قواه و عزائم مقاتليه ، وانهارت نفسياتهم وتحطمت معنوياتهم .. لما رأوا من بأسكم ، وشدة قتالكم ، وفدائتكم ، واستبسالكم ، وصمودكم الأسطوري _ سيما وأن الأتفاق ينص على وقف القتال وإعادة الإعمار ودخول المساعدات وانسحاب العدو من القطاع إضافة إلى تبييض السجون وهو نصر عظيم تحقق بفضل الله ثم بفضل ضرواة جهادكم وقوة عزيمتكم .. أقر به العدو قبل الصديق _ ولاعبرة بالأصوات النشاز .
ولستم وحدكم من تحدثه نفسه و يرواده هذا الشعور _ شعور الجنوح إلى إنهاء الحرب ، وتجنب إستئناف القتال ، وأن تمضي قدما المفاوضات _فالأمة الإسلامية جمعا تشاطركم هذا الإحساس .. بل الضمير الإنسانى الحي في العالم بأسره يود وقف شلال الدماء وإنهاء المجازر ووضع حد لهذا الطغيان الغاشم الظالم الذى لم تشهد البشرية مثيلا له فى تاريخها كله _ ذلك أن العدو صب جام غضبه على الضعفاء من الأطفال والنساء والمدنيين .
وهاجس الميل ، والجنوح إلى تجنب الحرب هو شعور قد راود من كان قبلكم ومن هو أفضل منكم و في خير القرون .. صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فى معركة بدر حينما كانوا يودون أن غير ذات الشوكة تكون لهم _ وهى قافلة العير لقريش _ بل أن كره القتال هو طبيعة بشرية نص عليها القرآن بقوله سبحانه { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰٓ أَن تَكْرَهُوا۟ شَيْـًٔا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰٓ أَن تُحِبُّوا۟ شَيْـًٔا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ (216) البقرة .
لكن أيها المجاهدون الصابرون الصامدون .. يا من أيقظتم الأمة وبعثتم فيها روح العزة والكرامة من جديد .. ثقوا كل الثقة أن الخير فيما اختاره الله لكم .. فإن إنقلاب الصهاينة على الإتفاق وبتأتييد أمريكى ، وصمت دولى، وإستئناف القتال بكل وحشية وإجرام كل ذلك يتم _ كما تعلمون _ بعلم الله وإرادة الله سبحانه .. فلا شئ يحدث في هذا الكون إلا بعلمه وإرادته سبحانه .. فلعل الله يريد لكم مثل ما أراد لأهل بدر ويهيئ لكم مثل ماهيئا لهم .. ففى بدر اقتضت حكمة الله وتدبيره تفويت القافلة وتصادم الجيشان جيش الإسلام وجيش الكفر ودارت معركة ، ملابساتها وأجوائها تشابه كثيرا معركتكم اليوم فقد كانت شبه الجزيرة العربية ومعهم يهود المدينة ينتظرون هزيمة جيش الإسلام لقلة عددهم وعتادهم مقارنة بجيش الكفر الذى كان أكثر عددا وعتادا و يقوده عتاولة و صناديد قريش وعلى رأسهم فرعون هذه الأمة " أبي جهل" _ فماذا كانت نتيجة تدبير الله .. كان نصر من الله عظيما معجزا سماه الله فرقانا .. فرق الله به بين الحق والباطل .. ذاع صيته ، و اهتزت لسماعه كل الجهات المتربصة بالإسلام آنذاك .. و بدءا على أثره العد التصاعدى لقيام دولة الإسلام ورفعته وعزته وكرامته .. وبدءأ العد التنازلى لدولة الكفر والطغيان وهيمنة الباطل وأهله .
فتدبير الله دائما لا يأتي إلا بخير .. فلعل الله يريد لكم مثل ما أراد لأهل بدر .. فالهزيمة الأولى التى ألحقتموها بالعدو فى المرحلة الأولى من الطوفان كانت هزيمة ساحقة أهم ما فيها أنها قضت على معنويات العدو ، وعلى آماله وطموحاته فى البقاء .. والذى ظهر جليا واضحا من خلال الرحيل العكسي من أرض "الميعاد" _ كما يزعمون _ولولا إستنجاده بشركائه الرسميين في الحرب وعلى رأسهم الأمريكأن لكانت دولة الصهاينة فى خبر كان، وآثار الهزيمة واضحة ولا تحتاج إلى بيان وبرهان _ فما تشهده دولة الإحتلال اليوم من إحتقان سياسي وصراع داخلي ، وصل إلى حد تداول تصريحات بحدوث حرب أهلية .. وإقالات طالت رموزا في الجيش وفي الحكومة وفي الشاباك إلا دليلا واضحا على آثار الهزيمة التى منى بها العدو .
فلعله لايزال هناك رمق فى جسد هذا الكيان الذى بات ينازع الآن وأصبح بقاءه على المحك .. فاقتضت حكمة الله وتدتبره أن ينقلب هذا العدو على الأتفاق الذى وقع على تنفيذه ، والإلتزام ببنوده وشروطه أمام العالم أجمع ، وأنزلق هذا العدو لإستئناف القتال مرة أخرى _ ليتم بإذن الله سبحانه القضى على هذا الرمق المتبقى فى جسد هذا الكيان .. فإن قتالكم هذه المرة ورشقاتكم الصاروخية واستبسالكم وصمودكم إذا نجح بإذن الله فى إرغام العدو وإعادته إلى طاولة المفاوضات _ وسوف ينجح بإذن الله _ فإن ذلك يعني أنه المسمار الأخير الذى تدقونه فى نعش العدو .. وما بعده هو بداية العد التنازلى لنهاية دولة الإحتالال _ بإذن الله _ فثقوا كل الثقة أن تدبير الله واختياره هو خير لكم من كل تدبير واختياره سبحانه خير من كل الخيارات .. وأن تضحياتكم الجسام لن تذهب سدى وأن رائحة النصر والمعجزة التى حدثت يوم بدر لتشم من اتجاه فوهات بنادقكم .
﴿ وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّآئِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَٰتِهِۦ وَيَقْطَعَ دَابِرَ ٱلْكَٰفِرِينَ ﴾ (7)
﴿ لِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ وَيُبْطِلَ ٱلْبَٰطِلَ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ ﴾ (8) الأنفال
{وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمْرِهِۦ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ (21) يوسف
اللهم نصرك المؤزر وفتحك المبين لأهل غزة وللإسلام في كل مكان .