في ذكراه الثامنة الجامع يمضي بثبات 

اليوم الثلاثاء الثاني والعشرين من إبريل 2025، يصادف الذكرى الثامنة لتأسيس "مؤتمر حضرموت الجامع"، الذي مثل ويمثّل تتويجاً لمسيرة نضال سلمي حضاري، انطلقت من رحم "حلف قبائل حضرموت"، واستندت إلى إرادة شعبية جامعة تسعى لحماية الأرض، وصون الهوية الحضرمية، وانتزاع الحقوق السياسية والاقتصادية والثقافية المشروعة لأبناء حضرموت. لقد تحوّل المؤتمر خلال ثمان سنوات إلى كيان سياسي ومجتمعي متماسك، يحظى بشرعية محلية متينة ، واعتراف خارجي إقليمي دولي  متصاعد، وأضحى رقماً صعباً في معادلة الحل السياسي في اليمن. 

جاء تأسيس "مؤتمر حضرموت الجامع" في 22 إبريل 2016 استجابةً طبيعية للتحولات العاصفة التي شهدتها اليمن منذ العام 2015 بعد الانقلاب الحوثي المدعوم ايرانيا على الحكومة الشرعية  ، حيث برزت حضرموت كواحة أمن واستقرار نسبي، بفضل وعي أبنائها وتكاتف قبائلها ومكوناتها الاجتماعية. وكان لحلف قبائل حضرموت، بقيادة الشيخ عمرو علي بن حبريش العليي، دورا محوريا في تمهيد الأرضية لتأسيس كيان سياسي يمثل كل الطيف الحضرمي دون إقصاء أو تبعية ، فالجامع لم يكن مجرد امتداد للتحالف القبلي، بل شكّل نقلة نوعية في العمل السياسي والمجتمعي الحضرمي، إذ توافقت فيه النخب السياسية والمدنية  والمجتمعية والشبابية والثقافية على مشروع جامع ، ويؤسس لمرحلة جديدة لصون استقلالية حضرموت ، وامتلاك قرارها السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي والإداري بعيداً عن الهيمنة والتبعية لأي طرف.

منذ يوم تأسيس الجامع والذي أقرّت فيه وثيقة المخرجات ، التي مثّلت الخريطة السياسية  للمشروع الحضرمي ، كما أقر المؤتمر ميثاق الشرف الحضرمي، الذي يعد وثيقة أخلاقية وسياسية تحكم العلاقة بين مكوناته، وتضع أسس التضامن الداخلي، وتمنع الانقسامات، وتؤطر العلاقة مع الأطراف والمكونات السياسية المحلية والإقليمية والدولية على قاعدة احترام إرادة أبناء حضرموت وحقهم في تقرير مصيرهم التنموي والسياسي والاقتصادي والامني والعسكري. 

خلال السنوات الثمان الماضية، حقق مؤتمر حضرموت الجامع نقلة نوعية في الأداء السياسي والاجتماعي، فقد استطاع الجامع أن يثبت حضوره كلاعب سياسي رئيسي ضمن المكونات السياسية على الساحة اليمنية، وبات يُنظر إليه كصوت معبّر عن تطلعات الحضارم ، وكممثل شرعي لقضيتهم، سواء في الحوارات الوطنية أو في اللقاءات الإقليمية والدولية، كما حافظ على استقلالية قراره ورفض التبعية لأي طرف خارجي أو داخلي، كما لعب دوراً حيوياً مهما في دعم قوات النخبة الحضرمية والأجهزة الأمنية مع حلف قبائل حضرموت ، وتحصين حضرموت من الانزلاق إلى أتون العنف، ، والعمل على بسط الأمن من خلال الشراكة مع القبائل والمكونات المجتمعية والمدنية، اضافة إلى انه يخوض معركة سياسية طويلة مع حلف قبائل حضرموت من أجل استعادة حضرموت لحقوقها في عائدات النفط والغاز، وكسر هيمنة المركز على القرار الاقتصادي، والعمل على توجيه الإيرادات نحو تحسين البنية التحتية، ودعم الخدمات العامة، وتمكين الشباب والمرأة ، وبناء شبكة من العلاقات الإقليمية والدولية ، ومع الدول الخليجية والعربية ودول التحالف العربي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة ، ودول الرباعية والاتحاد الاوروبي ودول الباعية الدولية ، والامم المتحدة ،  وأصبح يُنظر إليه كشريك فاعل في تحقيق الاستقرار في حضرموت ، بل ومفتاحاً مهما للحل المستدام في اليمن. 
وفي ضوء الانهيار المتواصل للاوضاع الاقتصادية والمعيشية في اليمن وغياب الحلول الشاملة، طرح "مؤتمر حضرموت الجامع" رؤية واضحة للحاضر وللمستقبل في حضرموت، تستند إلى المبادئ في تحقيق الحكم الذاتي في حضرموت كحق سياسي وقانوني للحضارم ، مع إدارة شؤون الإقليم الداخلية دون تدخلات خارجية ، وبناء مؤسسات حكم رشيد تعتمد على الكفاءة والنزاهة والمساءلة، وتحقق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية ،وتعزيز الحضور الاقليمي والدولي لمؤتمر حضرموت الجامع كممثل شرعي لحضرموت في أي مفاوضات أو تسويات سياسية تخص مستقبل اليمن عامة وحضرموت خاصة ، وإقامة شراكات مع دول الجوار، والاستفادة من الموقع الجغرافي لها والثروات التي تمتلكها لنهضة شاملة ومستدامة. 

وخلال ثمان سنوات من العمل المؤسسي والنشاط والفاعلية السياسية والمجتمعية ، أكدت أن "مؤتمر حضرموت الجامع" ليس مجرد كيان عابر، بل مشروع وطني حضرمي أصيل، يمثل صوت الأرض والإنسان، ويجسّد آمال وتطلعات أبناء حضرموت في مستقبل أفضل بقيادة الشيخ عمرو بن حبريش العليي، وبدعم شعبي واسع، ويواصل الجامع مسيرته متمسكاً بالهوية، ومدافعاً عن السيادة، وساعياً نحو نظام سياسي عادل بتحقيق الحكم الذاتي، وبما يعيد لحضرموت مكانتها التاريخية والحضارية والسياسية والاقتصادية ودورها المحوري في المنطقة ، وليثبت أن حضرموت تستحق الأفضل ومؤتمر حضرموت الجامع هو بوابتها للمستقبل مسنودا بثباته على أرضه والتحامه بثراها وتلاحم الحضارم ووحدة صفهم .