لا ترهق نفسك فلكل نظرته

في خضمّ الحياة وتعقيداتها، يمرّ بنا كثير من الأحكام والانطباعات التي يكوّنها الناس عنا. فكم من مرة سمعت من يقول عنك إنك “مغرور” فقط لأنك لم تلتفت إليه، أو “رائع” فقط لأنك أسديت له معروفاً؟ وربما رأيت من يتجاهلك لأنك، ببساطة، “عادي” في نظره. وبين هذا وذاك، يتبدّل وصفك وشأنك من شخص لآخر، مع أنك أنت… “أنت” لم تتغير!

العبارات التالية تلخّص واقعاً إنسانياً عميقاً:

“عاديّون في نظر من لا يعرفنا، مغرورون في نظر من يحسدنا، رائعون في نظر من يحبنا، سيئون في نظر من يحقد علينا… لكل شخصٍ نظرته، فلا تتعب نفسك في إرضاء الآخرين، يكفيك رضا الله عنك، فرضا الناس غاية لا تُدرك.”

هذه الكلمات ليست مجرّد جمل عابرة، بل مفاتيح لحياة أكثر راحة وسعادة، إذا فهمنا مغزاها.

لا تُعر اهتماماً لانطباعات الناس المتغيّرة؛ فالناس يقيّمونك من زواياهم الخاصة، من تجاربهم، مشاعرهم، وحتى جراحهم. فليس من المنطقي أن تسعى لإرضائهم جميعاً، لأنك ببساطة لن تستطيع. رأي الناس فيك ليس حكماً نهائياً، بل انعكاسٌ لذواتهم، لا لذاتك.

عليك أن تعرف نفسك جيداً، قبل أن يعرفك الآخرون!

إذا لم تعرف من أنت، سيعرّفك الناس كما يريدون. فكن واثقاً بمبادئك، واضحاً في أهدافك، ولا تجعل صورتك في عيون الآخرين هي بوصلتك في الحياة. أنت تعرف نيتك، وتدرك قلبك، والله أعلم بك من كل البشر.

عوّد نفسك ألا تربط سعادتك بإرضاء الناس، فهي رحلة لا تنتهي، ونتيجتها غالباً خيبة. أما رضا الله، فهو واضح، محدد، يبعث في القلب طمأنينة وسلاماً. فمن عاش يطلب رضا الخالق، رضي عنه الخلق ولو بعد حين. ومن عاش يطلب رضا الناس، أضاع نفسه في متاهات التناقضات.

من يحبك سيراك دائماً جميلاً، حتى في زلاتك. ومن يحقد عليك، لن يرى فيك سوى عيوب، حتى وإن غطّيت الأرض بزهور لأجله. فلا تبالغ في تبرير نفسك، ولا تقضِ عمرك في شرح ما لا يحتاج شرحاً. عش كما أنت، بإخلاص ونقاء. فالمحبّة الصادقة هي ما يصنع الفرق!

همزة وصل :

لا تُتعب قلبك، ولا تُجهد روحك في سباقٍ لن تربحه. اعمل على أن تكون صادقاً مع نفسك، مخلصاً في نيتك، ساعياً لرضا ربك. وقتها، سيخفّ عليك ثقل الحياة، وتقترب أكثر من السعادة الحقيقية التي لا يصنعها المديح، ولا يهدمها النقد.

فقط… كن بخير، واترك للناس نظرتهم، ولربك حكمه، ولنفسك سلامها..!