المعلومات المضللة.. سلاح يفتك بالنساء

في بلد أنهكته الحرب، وتهالكت فيه مؤسسات الدولة، تتسلل المعلومات المضللة كأداة خفية لكنها فاعلة في صناعة واقع قاتم للمرأة اليمنية، ليس فقط على صعيد الحقوق والحريات بل في أبسط تفاصيل حياتها اليومية، فبينما تُقصف المدن بالصواريخ، تُقصف عقول الناس بسيل من الإشاعات والسرديات الزائفة التي تعيد إنتاج القوالب النمطية وتغذي ثقافة التمييز والإقصاء.
المعلومات المضللة أصبحت أداة تستخدمها أطراف متعددة – بعضها بوعي، وبعضها بجهل – لتقويض أدوار النساء في المجتمع، حملات ممنهجة تطعن في سمعة ناشطات، تتهم أخريات بالعمالة أو "الخروج عن الأعراف"، وتروج لصورة نمطية للمرأة الصالحة كمنكفئة خلف الجدران.

في السنوات الأخيرة، رُصدت عشرات الهجمات الرقمية التي طالت صحفيات وناشطات ومدافعات عن حقوق الإنسان، وصلت حد التهديدات العلنية والتشهير الأخلاقي، وغالبًا ما تُستخدم صور مفبركة، أو يُقتطع محتوى من سياقه ليُعاد توظيفه في حملات تشويه ممنهجة.

الإعلام التقليدي لم يكن دائمًا بريئًا من هذه اللعبة، ففي كثير من الأحيان، ساهمت تقارير صحافية ومقاطع تلفزيونية – عن قصد أو عن جهل – في تكريس صور دونية للنساء، أو استخدام لغة تمييزية، أو تغطية انحيازية تُظهر المرأة كضحية أبدية أو متهمة دائمة.
المعركة ضد المعلومات المضللة لا تنفصل عن معركة اليمنيين واليمنيات من أجل الكرامة والعدالة والسلام، وإذا كانت النساء هن أكثر من يدفع ثمن هذه السموم الناعمة، فإن تمكينهن من مواجهة التضليل – وخلق إعلام بديل نزيه وشجاع – هو حجر الأساس لأي مستقبل أكثر إنصافًا 

لابد من التكاتف وبناء شبكات دعم تُمكّن النساء من مواجهة الحملات الممنهجة بثقة وقوة، التعليم الرقمي والتدريب على كشف التضليل الإعلامي ليس ترفًا بل هو أداة تحرر حقيقية في عالم تُصاغ فيه الحقائق وفقًا لمن يمتلك القدرة على نشرها إذ أصبح الإعلام الحر والمسؤول هو السبيل لكسر دائرة التضليل، وتحقيق بيئة تُحترم فيها الحقيقة ولا تُستخدم الأكاذيب كسلاح للاضطهاد.

إن التصدي لهذه الظاهرة ليس مهمة فردية بل مسؤولية جماعية تتطلب من الجميع، رجالًا ونساءً، رفض ثقافة التزييف والانحياز، والمطالبة بإعلام نزيه يُضيء الحقائق بدلًا من أن يُشوهها، حين يصبح كشف الحقيقة مهمة جماعية، وحين يكون التضليل تحديًا لا يقابَل بالصمت، فإن مجتمعًا أكثر إنصافًا يصبح ليس مجرد أمنية، بل واقعًا قابلًا للتحقق.