رشاد العليمي... وفضيحة التصريح السافر
في واحدة من أكثر لحظات السياسة سقوطًا وانكسارًا، خرج علينا رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، عبر قناة RT الروسية، ليفجّر اعترافًا أقرب إلى فضيحة وطنية: "الحوثي هدّدنا، فسلمنا له الطائرة الرابعة."
يا للعار... أي قيادة هذه التي ترتجف تحت التهديد؟ وأي مشروع وطني هذا الذي يتهاوى أمام أول صيحة من مليشيا إرهابية؟ هل نحن أمام رئيسٍ، أم أمام موظف ينفّذ تعليمات غريمه بامتثال مذلّ؟
أي منطق هذا الذي يبرر تسليم أدوات السيادة تحت ذريعة “درء الخطر”؟! وهل يُحمى الوطن بتجريده من طاقاته ومقدراته؟! سلّمت الطائرة اليوم، فماذا ستُسلّم غدًا؟ المطارات؟ الموانئ؟ أم ما تبقى من رمق السيادة والقرار؟!
لقد بلغ الانبطاح قمّته، لا بالخضوع فحسب، بل بتبرير الخضوع وتسويغه على الهواء مباشرة. لم يبحث عن غطاء سياسي أو عذر دبلوماسي يخفف عن واقع الموقف، بل قدّم نفسه رمزًا للانهزام الطوعي والتفريط المتعمد، وهو بذلك أطاح بآخر ما تبقى من شرعيته الأخلاقية والسياسية.
إن خطاب العليمي لم يكن زلّة لسان، بل رؤية واضحة لنهج متكامل من التفريط الممنهج، والسير نحو تسليم الدولة على طبقٍ من خوفٍ ومذلّة.
لو كان رئيسًا بحق، لخاطب شعبه بمسؤولية، أو صمت على الأقل، أما أن يُفاخر بتسليم طائرة خوفًا من تهديد، فهو بذلك يعلن بكل وضوح أن الدولة التي يرأسها لا تملك القدرة على حماية نفسها، ولا تستحق أن تُسمى دولة.
وغدًا، عندما يهدد الحوثي بقصف الموانئ إن لم تُدفع له المرتبات، هل سيدفع؟ وحين يطلب تسليم موارد النفط، هل سيلبّي؟ لقد وضع العليمي نموذجًا جديدًا لإدارة الدولة: رضوخ بلا كرامة، وخيانة مغلفة بالحكمة الزائفة.
يا أعضاء مجلس القيادة... يا شركاء السلطة الاسمية:
ما حدث ليس "حادثة طائرة"، بل انهيار موقف، وتسليم قرار، وتنازل عن سيادة، وأن لم يُقابل هذا الموقف بوقفة حازمة ومحاسبة واضحة، فإن القادم سيكون أسوأ، ولن تجدوا ما تحكمونه سوى وهم خادع لدولة كانت.
إن تصريح العليمي لا يُسقطه وحده، بل يكشف زيف كل مشروع يدّعي تمثيل الشرعية والمقاومة، بينما هو يُدار من غرف مظلمة تسوّق للهزيمة كأنها حنكة، وتقدّم الانبطاح باعتباره مصلحة وطنية.
وللتحالف العربي – وعلى رأسه السعودية – نقول:
لقد آن أوان المكاشفة. إن الصمت عن هذه المواقف شراكة في التفريط، وتواطؤ مع مشروع الانهيار. وعلى الرباعية الدولية أن تفهم أن شرعية كهذه لم تعد تمثّل إلا نفسها، وأن الشعب لن يغفر لمن خان، أو سكت على الخيانة.