التعصب والمناطقية,آفات سامة غزت مجتمعنا,  ونخرت في أخلاق الأجيال. 

بقلم / نجيب الداعري

عندما نتحدث عن مفهوم تلك الآفات من التعصب الهمجي والمناطقية المُقيتة, آن لنا نصف كل آفة بمسماها الحقيقي ,, فالتعصب بطبيعة الحال من الصفات السيئة التي توحي بشعور داخلي يتولد لدى الإنسان تجعل منه شخصا متشدداً,  يرى نفسه دائما على حق وغيره على باطل بلا حجة أو برهان , وقد تظهر لديه تلك الآفة من خلال ممارساته ومواقفه  باحتقار الآخر ,وعدم الاعتراف بحقوقه و إنسانيته,,

 والمناطقية كذلك هي الأخرى آفة لا تبعد كثيرا عن آفة التعصب الهمجي , كون رائحتها تنذر بوجود تمييز عنصري مُقيت و  سام, بدأ ينخر في أخلاق الأجيال رويدا رويدا.

اننا اليوم ورغم  تقدم المجتمع ومع سنوات من التعليم والثقافة والتنمية ومع وجود العلماء والمثقفين والمفكرين وانتشار المعرفة والمعلومات، ومع وجود الجامعات ومراكز البحث ووسائل الإعلام، نشهد الرجوع إلى العصبيات القبلية والمناطقية والتي سوف تسبب انقساما مقيتا بين أفراد المجتمع الواحد لا محاله.

ولو تعمقنا في حنايا آفتي التعصب والمناطقية, لوجدنا بانها انتشرت في مجتمعاتنا بشكل ملفت , وعلى مبدأ "من ليس معي فهو ضدي, وتجلت مظاهرها من خلال ما نراه من عصبية مناطقية بالملاسنة على ساحات الإنترنت,  وخلافات فيما بينهم وصلت إلى حد استخدام الشتائم والسباب والتهديد بالقتل . .ناهيك عن التعصب القبلي المناطقي الذي يتصدر المشهد الراهن بسبب السيطرة وسلطة القبيلة السياسية والاجتماعية ، وصولاً إلى التعصب الديني الذي أكل الأخضر واليابس , وكل تلك المظاهر أدت الى ذبول التكافل الإنساني في مجتمعنا واضمحلال قيم التراحم والتشارك المجتمعي

لذا وجب تحذير الجميع من تلك الآفات الذي تصدرت المشهد في الوقت الراهن, وأصبحت تشكل تحدياً أخلاقياً وسلوكاً ,ويجب علينا الوقوف امامهما بحزم وتخليص العامة التي ارهقها التعب في البحث عن لقمة العيش من ضعفاء النفوس وأرباب العقول الفارغة والقلوب السوداء والتي دأبت الى توسيع الفكر المناطقي والتعصب الهمجي,  لنيل أغراضهم الشخصية من الجاه والمنصب دون سواه.

والكارثة الأمر والتي حلت على رؤوسنا جميعا, إننا وضعنا المفسدين والمتسلقين ممن تفوح منهم روائح التعصب المناطقي في مواقع صنع القرار, فعاثوا  في الأرض فساداً, و زادوا  الطين بلةَ,  بعد أن أوهمتهم شياطين الأنس منهم بإنهم يمثلون ضمير مجتماعتهم, وعقلها المفكر وحارس وعيها,  ويدّعون قود رعيتهم الى معارج التقدم,  فلا عجب من ذلك, فمن يغرق في أوهامه, ينفي نفسه عن العالم,  ومن يقع أسير أفكارة, تحاصره الوقائع,  وهذا دأب الذين قدّسوا المناطقية والعصبية سلوكاَ وفكراً وعملاً.

ختاماً : إذا لم يفقه جميعنا عن مخاطر تلك الآفات,  فعن أي مجتمع ننشد وأي بلاد نحلم أن يرتقي,  وأي جيل نتكئ عليه,  طالما وقد عصفت به رياح التخلف, واستؤصلت منه القيم والمبادئ وحرية العيش في مجتمع يسوده رابط الإخاء والفكر المنير

ودمتم.......