عندما يُطبّق القانون فقط على المساكين

بقلم: الدكتور فوزي النخعي 


في بلد العجائب والطرائف، لا غرابة أن يصبح تطبيق القانون انتقائيًا، يُسلّط على الضعفاء ويغضّ الطرف عن المتنفذين، إن حادثة مطار عدن الدولي الأخيرة، التي تحوّلت إلى مادة استعراضية لرئيس مجلس إدارة البنك الأهلي اليمني، محمد حلبوب، تمثّل نموذجًا صارخًا لهذا الواقع المؤسف.

حلبوب، هكذا مجرد من اي لقب علمي لأن الذي قام به مع هذا الشاب، فهو لا يستحق هذا اللقب في الحقيقة، لقد قرّر أن يستعرض حرصه على النظام من خلال تصوير شاب بسيط يعمل في بوفية المطار وهو يمضغ القات، ونشر الفيديو كأنه إنجاز وطني بحسب ظنه، ونسي أو تناسى حلبوب أن قيادات وموظفين في مطار عدن – بعضهم ببدلات رسمية وربطات عنق – يمضغون القات جهارًا نهارًا، وأحيانًا داخل المكاتب الرسمية!

لكن على من تُفتح نيران القانون والتشهير؟ على العامل البسيط، صاحب الدخل المحدود، الذي لا يجد من يدافع عنه ولا يملك نفوذًا يحميه.

مثل هذه التصرفات لا تعكس غيرة على مؤسسات الدولة بقدر ما تعكس عقلية استعلائية تبحث عن بطولة زائفة على حساب البسطاء، إذا كان الهدف هو فرض النظام، فليكن على الجميع، بدءًا من القيادات والمسؤولين الذين حولوا المطار  وغيره من مؤسسات الدولة إلى مجالس للقات.

ما فعله حلبوب لا يُعدّ حرصًا، بل إساءة أخلاقية تستوجب الاعتذار، نعم، حلبوب مدعو لتقديم اعتذار رسمي لهذا الشاب، لأنه بدلاً من التوجيه أو التنبيه، اختار طريق التشهير والاستعراض.

في دولة تحترم نفسها، لا يُحاسب الإنسان على انتمائه الطبقي أو وضعه الاجتماعي، بل على أفعاله، وبالمساواة أمام القانون، أما أن يُسلّط الضوء فقط على المساكين، ويُترك النافذون ليتمادوا دون محاسبة، فهذه ليست دولة قانون، بل دولة مزاج ومحاباة.


    ودمتم سالمين