تدهور معيشي واقتصادي ينذر بكارثة إنسانية في اليمن

يشهد اليمن تدهورًا متسارعًا ومقلقًا في الأوضاع المعيشية والاقتصادية، تتفاقم حدته جراء الانهيار المتواصل للعملة الوطنية وتضاؤل برامج الدعم الإنساني الأممية. وفي ظل هذا الواقع المرير، دقت تقارير دولية ناقوس الخطر محذرةً من ارتفاع وشيك في مستويات انعدام الأمن الغذائي في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، مما ينذر بكارثة إنسانية وشيكة.

تتجه الأوضاع الإنسانية في اليمن نحو الأسوأ بوتيرة مقلقة، وذلك وفقًا لتقرير صادر عن ست وكالات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات دولية، الذي حذر من تفاقم انعدام الأمن الغذائي في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية. ويعزو التقرير هذا التدهور السريع إلى الانهيار الاقتصادي، الارتفاع الجنوني في أسعار الغذاء والوقود، الانخفاض المستمر في قيمة العملة، وتقلص حجم المساعدات الإنسانية بشكل كبير. ففي خطوة تعكس حجم الأزمة، انخفض عدد المستفيدين من المساعدات الغذائية الإنسانية من 3.6 مليون شخص العام الماضي إلى 2.8 مليون فقط هذا العام، مما يترك مئات الآلاف عرضة للجوع.

تأتي هذه التحذيرات في ظل تدهور مستمر لقيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، حيث اقترب سعر صرف الدولار الأمريكي من 2600 ريال يمني، بينما تجاوز سعر الريال السعودي 680 ريالًا في سوق العاصمة المؤقتة عدن والمناطق المحررة الأخرى. هذا الانخفاض الحاد في قيمة العملة، مدعومًا بالانقسام النقدي والشلل شبه الكامل للموارد السيادية، يفاقم من معاناة المواطنين ويقلل من قدرتهم الشرائية بشكل غير مسبوق.

وعلى الرغم من أن المناطق المحررة يفترض أن تكون في وضع أفضل وأكثر استقرارًا، إلا أن الفساد المالي والإداري المستشري واختلال أولويات النخبة الحاكمة قد دفع بالبعض إلى إعطاء الأولوية للمصالح الشخصية والعائلية والإقليمية على المصالح الوطنية العليا. هذا الواقع المؤسف يجعل هذه المناطق لا تختلف كثيرًا عن تلك الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي، بل وربما تكون الأوضاع فيها أسوأ من جوانب معينة، مما يعكس غياب الإدارة الفعالة والشفافية.

إن هذه الأزمة المعيشية والاقتصادية المتفاقمة تتطلب تحركًا عاجلاً من قبل جميع الأطراف المعنية، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي. فدون تدخلات حقيقية وملموسة لوقف تدهور العملة، ومكافحة الفساد، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ ومنتظم، فإن اليمن مقبل على كارثة إنسانية أوسع نطاقًا قد يصعب احتواؤها. هذا الواقع المؤلم يؤكد الحاجة الملحة إلى جهود متضافرة وعاجلة لإنقاذ الوضع قبل أن يصل إلى نقطة اللاعودة.