هل القضية فقط تدمير مشاريع إيران الاستراتيجية؟
في تقديري ما تقوم به اسرائيل اليوم ليس إلا جزء من فصل سيستكمل بتغيير خرائط وتقسيم دول في منطقة الشرق الأوسط .. وفق سيناريوهات الحرب العظمى الأولى مطلع القرن العشرين 14- 1918، بل و أوروبا على إثر انهيار الامبراطوريات - العثمانية و الالمانية و الروسية بقيادة بريطانيا و فرنسا لتحالف ضم في قواه الولايات المتحدة الأمريكية ، التي عبرت الاطلسي لا مغادرة عزلتها يومها، بل ولكي تقود التحالف الغربي في الحرب العالمية الثانية، والتي رسخت خرائط ما بعد الاولى في شرق أسيا و الشرق الأوسط و أوربا و بالذات الشرقية أو السلافية.. التي قسمت معظم دولها و اضحت جزء من الإتحاد الأوربي وحلف الاطلسي- (نيتو) ، وفق رؤية أميركا لا حسب ما خططت له فرنسا و بريطانيا، اللتان تراجع نفوذهما في إدارة العالم، و فقدت مستعمراتهما بحسب حق الشعوب في التحرر من الاستعمار، الذي رسخته أمريكا في ميثاق الأمم المتحدة ، المنظمة الدولية البديلة لعصبة الأمم ، والتي كان خلف انشاءها الرئيس الأمريكي: فرنكلين روزفلت العائد من مؤتمر يالطا عام 1945 , وذلك لعالم ما بعد الحرب الثانية .
بعد الحرب الثانية انسحبت القوات البريطانية و الروسية من إيران.. وتم تنصيب الشاه محمد رضا بهلوي بديلا لوالده رضا خان و امست إيران في الخندق الغربي- الأمريكي على مدى الحرب الباردة ببن القطبين الإتحاد السوفيتي و الولايات المتحدة، خلال هذا الصراع استقلت دول بدعم القطبين، وتغيرت أنظمة ، ومنها نظام الشاه الإيراني، الذي استبدل بنظام ولاية الفقية كنتاج للثورة الإسلامية بقيادة خميني عام 1979 ليدخل في حرب الثمان سنوات مع العراق، والتي اعقبتها خطيئة صدام حسين بغزو الكويت لتشكل محطة أو فصل جديد لنظام عالمي ، على إثر لقاء الرئيس بوش الأب مع الرئيس غرباتشوف آخر رؤساء الإتحاد السوفيتي، حوصرت العراق ، وانهار جدار برلين و معه حلف (وارسلو) ، ونفذت أمريكا تغيير خرائط أوربا مبتدئة بيوغسلافا أو البلقان ، ولكن خرائط الشرق الأوسط ظلت كما هي في مشروع سايكس - بيكو ،كما رسمها الجنرال البريطاني: إلمبي - بتبشورة ، تذكر الأمريكان بقوى ما قبل الحرب العالمية الثانية.
في عام 2003 كان العراق المنهك، هو الأقرب إلى تركيبة يوغسلافا اثنياً و مذهبياً. فكان الغزو الأمريكي للعراق واحتلاله ، ثم تقسيمه طائفياً استعدادا لفصل ما بعد إسقاط النظام الايراني، الذي أتاحت له فرص التمدد و النفوذ في دول الشمال العربي ، مما شجع طهران على ممارسة دور القوة المحورية في الشرق الأوسط ، لتأتي 7 أكتوبر 2023 , أو حرب غزة ، مبررة لضرب ما أطلق عليه اذرع إيران ، في لبنان وسوريا و اليمن مع الابقاء على اذرعها الممثلة بالحشد الشعبي، لمرحلة ما بعد إيران.. و بالتالي إعادة رسم خرائط الشرق الأوسط- الجديد.. دون هزيمة لإسرائيل، لا مكافأة لادوارها السابقة.. ولا لتدمير مشاريع الاستراتيجية الإيرانية فحسب ، لدورها الامريكي في اسقاط النظام و تقسيم الخارطة الإيرانية ، لشرق أوسط اقتصادي- جديد ، ولبقية القرن الواحد وعشرين!!.
تلك قرأتي للأحداث الجارية.. و التي تعززها بوضوح تصريحات الرئيس ترامب.. و آخرها "اننا نسيطر" على سماء إيران، ولا نقبل بغير الاستسلام ، على إثر مغادرته مؤتمر مجموعة السبع في كندا ، بالإضافة إلى استقدام سبعة عشرة طائرة مرضعة إلى القوات في المنطقة ، لتعزيز السيطرة الجوية.. وربما لتأمين الوقود لطائرات البي 29 والشبح بي 2 الاستراتيجية القاذفة.. و السؤال هل من يساعد اسرائيل استخباراتياً في إيران عملاء ام فصائل معارضة، بحسب النسخة العراقية !!.