نصائح قبل ضربة الفأس فوق الرأس..
حين تتشابك الحبال وتضيع البوصلة لا يبقى في ذاكرة الأوطان إلا من تجرأ وقالها بصوت عالٍ: "كفى مجاملات" ... ومن هنا يخرج اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك من بين الركام ، لا ليتجمل أو يتجمل (بتشديد الجيم) ، بل ليصرخ بلسان القلب لا بلسان السياسة ويضع الإصبع مباشرة على الجرح ... لا ليؤلم بل ليعالج ما عجز عنه الجراحون.
في زمن أصبح فيه الصمت ذكاءً والخوف حكمة ، خرج بن بريك ليقولها: ما ينفع الندم بعد كل هذه الإخفاقات لنيل استحقاق عهد الرجال للرجال.
نحن اليوم في لحظة مفصلية لا تحتمل الشعارات ولا التصفيق الفارغ ، لحظة تتطلب وقفة رجل لا همسة مجاملة ... مواجهة لا مداراة.
اللواء بن بريك لم يُقدم مجرد رأي عابر بل حمل على كتفيه أمانة وطن ، وصدع بكلمة لا تُقال إلا حين تبلغ القلوب الحناجر ... حيث دعا إلى مراجعة شاملة لكل ما مضى بدءاً من العلاقة بالتحالف والشرعية مروراً باتفاق الرياض وحكومة المناصفة ، وصولاً إلى دور المؤسسات الجنوبية وحقوق المواطن وأمن الجنوب وموقعنا في خارطة المتغيرات الدولية.
قال بصراحة وبلغة لا تقبل التأويل:
-إعادة ضبط بوصلة التعامل مع التحالف بما يخدم المصلحة الجنوبية العليا ، لا ما يُملى من وراء البحار.
-تفكيك العلاقة المؤقتة مع الشرعية ، وتحديد ما إذا كان البقاء فيها عبورٌ للنجاة أم غرقٌ في مستنقع التبعية.
-مراجعة اتفاق الرياض سياسياً وعسكرياً ، ونزع فتيل التنازلات التي أنهكت الإرادة الجنوبية.
-الانسحاب المدروس من حكومة المناصفة ، التي قُدمت فيها الشرعية كاملةً على طبق ، مقابل موقع وهمي بلا قرار.
-رد الاعتبار لحقوق الشعب وكرامته المعيشية والخدمية ، دون إذلالٍ أو مماطلة أو استغلال سياسي.
-إصلاح آليات الإيراد والإنفاق ، وسدّ الثغرات التي تبتلع ثروات الجنوب دون وجه حق.
-إحياء الحوار الجنوبي الجنوبي ، ونبذ سياسة التخوين والتهميش والاحتواء التي زادت من الشرخ.
-تجديد بنية الجمعية الوطنية ، وإخراجها من سباتها لتكون صوت الشعب لا صدى المنافع.
-تأسيس إعلام مؤسسي وهادف ، يبتعد عن المطبلين ونافخي الكير ، ويقود الوعي لا يُضلله.
-تطبيق مبدأ الثواب والعقاب ، ووضع الإنسان المناسب في المكان المناسب ، دون وساطة ولا محسوبية.
-بناء مجلس عسكري أمني أعلى ، يجمع شتات المؤسسات الأمنية ويضمن سلامة الأرض والقرار ، بلا ولاءات مناطقية أو شخصية.
-رسم خارطة طريق عسكرية لتحرير ما تبقى من الأراضي الجنوبية ، بما يليق بتضحيات الأبطال وينهي عبث الهيمنة.
-تحديد موقع الجنوب في أي حوار دولي قادم ، حتى لا يُختزل أو يُهمّش أو يُستخدم كورقة تفاوض هامشية.
نحن أمام مفترق طرق إما أن نختار النهوض كأمة حية ، نخط طريقنا بأيدينا أو نبقى نائمين نحلم بمنقذ لن يأتي.
اللواء بن بريك لم يكن يوماً رجل كرسي أو ميكرفون ، بل رجل ميدان وموقف ... لايبيع الكلام ولا يشتري الصمت ، بل يضرب على الطاولة حين تتهرب الكراسي.
النصائح أمامكم والوقت ينفد ... فهل من مُتّعظ قبل أن يقع الفأس فوق الرأس؟