ثورات على الرمال!
بقلم/حسين السليماني الحنشي
إنها الأرضية الصلبة التي يشيّد عليها العمران، وتقوم الاساسات التي تدعم ما أسس عليها، وإن أمتنا من بين الأمم تمتلك الأرضية الصلبة التي يمكن البناء عليها، فهي كالجبال، لكننا ذهبنا إلى الرمال نشيّد عليها منجزات وكأنها السراب الذي لازلنا نجري إليه ولم نجده شيئا ...
إن الإطار الديني والقومي والجغرافي الذي يحوي الامة ويحفظها ويجعلها أمة تهابها الأمم، ونحن نعيش بهذه المنطقة التي فرضت علينا اقدارها ولا خيار لنا إلا أن نتعايش على مضض بكل مايجري فيها. أننا في زمن تقتال فيه الكرامة وتسقط فيه الأقنعة الواقية من النفاق، ونضع السيادة جانباً. إن منطقتنا أكثر غرابة، فهي لا تحتاج ا إلى إعلان للحرب، بل إلى الغفلة، فتجد كل إتفاق عندنا لا للإتفاق، بل من أجل تحميل الطرف الآخر قيام المسؤولية...
كذلك يجد العدوان الاستعماري للمنطقة في هذه الغفلة الذي ساهم فيها، لتفريخ بيضه الذي وضعه بيننا، وكأننا نقوم بثورات على الرمال تذوب وتسقط القيادات الميدانية ولانعلم كيف اختفت، فيتم تبادل الاتهامات الموجهة ليس من أجل الثورة والوطن بل لتفقيس بيضا آخر لازال لم ينضج، فنصبح رافعين لافتات نكتب عليها (بالروح بالدم نفديك يا زعيم، ولم نذكر الوطن) هنا بدأ العمل في إسقاط الوطن شيئا فشيئا حتى نصل الى رموز الثورة، فنصبح بلا مخالب ولا أنياب، وهذا يفتح الطريق ويسهل وصول الفراخ إلى الزعامة.
إن خلف تلك الضربات التي نعيشها كل يوم مع الأزمات المفتعلة، والذي يغذيها ويشعل فتيلها، ويبقي جذوة النار ملتهبة من دون أن تحترق يده. وهذا كله لكي يعاد تشكيل المنظومة السياسية لصالح الخارج، واليوم دول العالم التي أسست النظام الدولي هي من تفتح جبهات لا تعلن عنها لكنها تدار بذكاء قاتل للأسف الشديد.
فهل دخلنا نحن العرب نفق لا نملك خريطة الخروج منه؟ وهل ثوراتنا تدافع عن نفسها دفاع وجود؟
أم حكامنا ومن خلفهم تدافع دفاع نفوذ؟
إن أي تدخل خارجي يحدث مباشر أو بأيد إقليمية أو داخلية، لم يكن وليد الصدفة، بل بضوء خارجي يجعل الثورات عارية، فيتم قطف الثوار الذين يسيرون في فلك الأحرار، ويخرج لنا فراخه من بين الدخان الذي لايزال يتصاعد من قبل الثورات...
فتخرج لنا زعامات جعلت شعوبها تتسابق إلى الرمال وهم مبتسمين إبتسامة عريضة. وتلك الزعامات ومن يقف خلفها، يريدون للحرب أن تبقى بلا نهاية حتى يزداد اللصوص بثروات لايحلمون بها، لكنها أرقام ببنوك الخارج تأخذها وترمي العظام لمن أتى بها، ويتركون خلفهم شعوبهم مطحونة، يمسكون بخيوط العنكبوت الواهية، فيصبح الجميع يعيش الفوضى التي لا تنقطع، وفي خضم هذه الأحداث المصطنعة تبيع الزعامات البلاد على طاولات سوداء يعرفها الجميع... أننا أمام أزمات لاتشبه غيرها أنها حرب لاتبحث عن نصر عسكري أو سياسي كما نعرفه، بل تفرض واقع جديد أسلحته الجوع والعطش وعدم الإستقرار، ومايخيف أكثر هو صمت النيات الخبيثة التي تتحرك خلف الستار.
إن القرارات التي تخرج من منصات التتويج لا تبتلعها السماء، بل تبحث عن تدمير البلاد والعباد، تبحث عن مصلحة لتشعلها ناراً...وكل هذا التحركات كي يخلقون أزمات بدورها يتم صناعة الموت.
إننا واقعين اليوم بين سياسة الذل والهوان، وصناعة الموت. نحن شعوبا قد ابتلت ليس بمكانها الاستراتيجي ولكن بحكامها...
فصارت ثوراتنا تسقط من أول وهلة؛ لأنها كانت على الرمال ...