وداعا أيها الزمن الجميل .. !

سيفهم البعض من خلال العنوان إنني أقصد زمن الدولة في ظل حكم الحزب الإشتراكي في التعريف الوطني لدولة جمهورية اليمن الديمقراطية الدولة المؤسسية ونظام الحكم الرشيد في تلك الفترة لقد عاش الجيل الأول حياة ونمط الدولة الحديثة بصرف النظر عن أخطاء رافقت مسيرة الحكم أنذاك وهي أخطاء بسيطة وتعتبر طبيعية بالمفهوم العام في مفردة الدولة حتى العام 2006 وهو العام الذي كبرنا فيه وأصبحنا نعي حقائق الأحداث بشكل سلس وحقيقي وأعتقد من وجهة نظر قد يعتريها بعض القصور إن وجد على اعتبار أنها آخر مرحلة في تسلسل وترتيب هرم الدولة بعد الغياب الجزئي و في مرحلة أخرى غابت كليا فيها الدولة بالشق المادي وزادت على ذلك إلى الآن مع كل هذا الغياب المقصود والمتعمد لشل واقعية الدولة وأفولها الغير طبيعي واللامشروع بفعل توجهات صادرة  ممن هم اليوم في سدة الحكم والسلطة . 

في حياة الريف وفي البعيد عشنا حياة بسيطة في منتهى الروعة والحضور معا حياة بطعم الفرح وبعنوان النصر الآت من خلف أسوار النجاح الذي يحسب للدولة في إرساء نظام الحكم على كامل الرقعة الجغرافية التي نعيش في الريف كانت الحياة تلتزم نظام الدولة وتأتمر للسلطة أيا كانت بأشكالها المختلفة عشنا حياة الثقافة والنظام وعشنا حياة الدولة المحترمة تعلمنا في مدارس الريف والتزمنا فيها كل مفردات الأدب والإحترام وأبدينا مرونة وثقافة عالية في الحياه المدرسية بنظام الجامعة فيما بعد لمكانة الصرح التعليمي الهائل الذي عشناه في تلك المرحلة كانت البكالوريا تفوق الجامعة لأن التعليم كان بجودة الإمتياز وكانت التربية في أوج العطاء وكان المعلم يبذل كل مابوسعة للعطاء فالحياة كانت مستقره وفي تقدم مستمر على عكس ذلك تماما فيما هو واقع اليوم بشأن تكيف التعليم مع أوضاع مادية في غاية الصعوبة تواجه كل المنشغلين بسلك التربية والتعليم والحياة العامة للناس الآن في قاع سلم المتطلبات الإنسانية والتي معها أصبحت حياة الناس مرتبكة وفي خذلان مستمر وبشكل تهان فيه آدمية الإنسان وحريته . 

كان بالإمكان أن نعيش أفضل مما نحن عليه الآن لكن التدخلات الحاصلة هنا كانت بالمرصاد لكل توجه سليم وفكر معاصر فتأبى معه إلا الشقاق وتوسيع الهوه فيما بين الجميع لخلق حالة مجتمعية غير سوية أو على نسق واحد في أدبيات الحياة التي نختط منها جزءا هاما في تعريفات إنسانية متعددة ومتفرعة بكل الأحوال هذه الإعاقة الحاصلة نحو تقدم مشروع وطني يعم الجميع ويكتب بمانشيت يوازي فعل الحضور المتجدد يجابه بتزمت وجحود مستمرين وعلى نحو مضاد يقلل من إمكانية نشوء أمل وإن كان قليلا بفعل يوازي كل التضحيات التي حصلت لإعادة ضبط وجودي مستمر في موائمة قد تبدو على تناسق وتكامل بين مكونات حياة الحداثة والحرية المطلوبة والتي تغادر تماما كل فعل يلامس عمق الاشكال المتواجد في حقيقة الواقع الذي نعيشه . 

التنافر الظاهر والخلل البين في بنية الدولة هو بمثابة خرق واضح في مصفوفة البناء المطلوبة ومن هنا فإن إمكانية البناء والتصاعد النسبي تعتبر مفقودة في الحد الأدنى على أقل تقدير مايجعل من هذا البنيان السلطوي الهش بيئة مناسبة لحدوث نتوءات واعوجاج ملحوظ للكل وهو بدورة يعزز ويستوطن في مكون الدولة المفترضة التي تعيش فيها فئات الشعب الإجتماعية المختلفة ما يفاقم من ألم وبؤس حاصلين هنا في هذا البلد لذا فإن مسألة حضور الدولة هي مسألة وجودية ومصيرية أيضا بحاجة إلى برامج تطويرية إيجابية من شأنها إحداث حلول ناجعة تنتشل الدولة من الحالة الرخوة التي هي الان فيها إلى واجهة سياسية متقدمة نوعا ما في الأداء والتوجه العام وهو بحاجة إلى تنحي كل من هم اليوم قائمين على كل هذا المشهد الضبابي وحالة التيه والتشويش الحاصلين في هذه المعادلة الناقصة والتفاعل الجاد مع كل الحلول المطلوبة لتقدم الدولة وتثبيت بنيانها .