حين يصبح الإعلام لعبة في يد من لا يملكون أدواته!

صرنا نعيش زمن “الضغط على زر” ليصبح المرء فجأة إعلاميًّا، ومُحلّلًا سياسيًّا، وخبيرًا استراتيجيًّا، وربما مذيعًا بلا مايكروفون! كل ما يحتاجه الأمر اليوم - في نظر البعض - هو صفحة على الفيسبوك أو جروب على الواتساب، ثم يبدأ ضخ “المنشورات” وكأنها نشرات رسمية، بلا قواعد مهنية، ولا مسؤولية أخلاقية، ولا حتى إلمام بأساسيات العمل الإعلامي.

ولأن الفوضى تجذب الطامعين، صارت هذه “المهنة الوهمية” عند البعض بابًا لكسب المال، يبيعون الولاءات لمن يدفع أكثر، وينسجون الأخبار حسب الطلب، ويحوّلون المعلومة إلى سلعة تُساوم في سوق المصالح.

الإعلام ليس هواية وقت الفراغ، ولا وسيلة لجمع “اللايكات” و”المشاهدات”، ولا دكانًا تجاريًا على هيئة صفحة، بل هو رسالة لها ميثاق، وأمانة لها ثمن، ومهنة لها أدوات ومعايير. الإعلامي الحقيقي هو الذي يصنع الكلمة بميزان الذهب، ويتحرى المعلومة من مصدرها، ويقف على مسافة واحدة من الحقائق، لا من الأهواء.

أما هؤلاء “إعلاميو الصفحات” فهم أشبه بباعة الكلام على الأرصفة، يبيعون الوهم في عناوين صاخبة، ويُهرّبون الإشاعة في ثوب الخبر، ويظنون أن البلاغة تكمن في كثرة التعجبات لا في دقة المعلومة.

فيا أيها الموهومون بالألقاب… الإعلام ميدانٌ تُسفك فيه أعمارٌ في سبيل الحقيقة، لا ملعبٌ لالتقاط الصور وتوزيعها مع هاشتاق “أنا إعلامي”!