في زمن الحرب.. شباب اليمن يصنعون الفرح ويتأهلون إلى نهائي كأس الخليج

رغم المعاناة اليومية، وأصوات الحرب التي لم تخمد منذ سنوات، ورغم الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب اليمني في مختلف المحافظات، خرج من بين الركام ضوءٌ جديدٌ حمله شباب منتخب اليمن لكرة القدم تحت 20 عامًا، بعد أن حققوا إنجازًا تاريخيًا بتأهلهم إلى نهائي كأس الخليج للشباب.

في مباراة نصف النهائي التي جمعتهم بنظرائهم من منتخب عمان، أثبت لاعبو اليمن أنهم لا يعرفون المستحيل، وأنهم رغم كل التحديات، قادرون على تمثيل وطنهم بكرامة، بل وتحقيق الانتصارات.

انتهت المباراة بفوز منتخبنا الوطني بهدفين نظيفين، حملا توقيع النجم الصاعد محمد البرواني الذي افتتح التسجيل في الدقيقة 45، قبل أن يُطلق زيد الجراش رصاصة الرحمة بهدف ثانٍ قاتل في الدقيقة التاسعة من الوقت بدل الضائع.

المباراة لم تكن سهلة كما قد يوحي بها فارق الهدفين؛ فقد كانت حافلة بالإثارة والندية، وشهدت لحظات عصيبة، أبرزها طرد لاعب عمان محمد يعقوب في الدقيقة 20، مما منح الأفضلية العددية لليمن. لكن رغم ذلك، لم تخلُ المباراة من ضغوط، حيث تصدى الحارس العماني ببراعة لركلة جزاء نفذها لاعبنا عادل عباس في الدقيقة 26، مما أبقى النتيجة متعادلة حتى نهاية الشوط الأول.

بهذا الفوز الثمين، ضرب منتخب اليمن للشباب موعدًا مع صاحب الأرض والجمهور، منتخب السعودية، في نهائي يُنتظر أن يكون مثيرًا، يوم الأربعاء المقبل. وكان المنتخب السعودي قد بلغ النهائي بعد تغلبه على العراق بنتيجة 2-1، ليضع الجماهير أمام مواجهة كروية نارية بين طموح اليمن وإرادة المستضيف.

لا يمكن الحديث عن هذا الإنجاز دون التوقف عند المعاناة التي يعيشها اليمنيون منذ سنوات. فبين انقطاع الكهرباء، وتردي الخدمات، وغياب البنية التحتية، يجد الشارع اليمني في كرة القدم متنفسًا وحيدًا للفرح، ومع كل انتصار، يتجدد الأمل في قلوب الملايين، بأن هناك مستقبلًا أفضل ينتظرهم، وأن شباب هذا الوطن قادرون على تمثيله بشرف رغم كل العوائق.

اللاعبون اليمنيون لا يلعبون فقط من أجل الفوز بل يحملون على عاتقهم رسالة كبيرة، مفادها أن اليمن لا يزال حاضرًا، وأن شبابه لا يزالون يقاتلون ليس بالسلاح، بل بالروح والإصرار، وبأقدام تحمل حلم وطن بأكمله.

إن ما حققه شباب اليمن في كأس الخليج ليس مجرد إنجاز رياضي، بل هو انتصار للروح اليمنية في وجه الألم والمعاناة، وها هم اليوم على بُعد خطوة واحدة من كتابة التاريخ، في انتظار دعم جماهيرهم وكل من آمن بأن كرة القدم قد تكون بداية لحياة جديدة.