ما أجمل الصباح (21)

انطلقت باكرا صباح هذا اليوم للمشي قليلا على شاطئ البحر بعد أن أيقظني الحر الشديد ؛ لغياب الكهرباء ، وقد استلفت نظري كثرة الناس على الشاطئ ، مع أن الوقت مازال باكرا ، الأمر الذي جعلني أقول : يبدو أن  غياب الكهرباء قد جعل الكثير من ساكني حاضرة الظلام ينام على شاطئ البحر ، وفي أثناء السير على ضفاف البحر ، والأمواج تتلاطم ، والشمس مازالت محتجبة عنا ، نظرت إلى الأمام وإذا ببصري يقع على منظر أدمى قلبي ، إذ شاهدت كلبا مستلقيا على الشاطئ ، وجهه باتجاه البحر وجسمه باتجاه اليابسة ، وجزء من جسمه مخلوع الجلد ، أي بدون غطاء ، وكأن شيئا قد خلع الطبقة الأولى من ظهره ؛ ليبقى مكشوفا دون غطاء ، والمنظر الأكثر إيلاما وإزعاجا ، هو تجمع الغربان واحتلاقها حوله ، تنهش في جسمه ، وتأكل من لحمه دونما رحمة أو شفقة ، وهو عاجز عن القيام بأي حركة للدفاع عن نفسه ، بل حتى النباح لم يستطع القيام به ، لكي يبعد عن نفسه شيئا من أذى الغربان وعبثها المزري به ، لكنها كانت قد  أحدثت ثقوبا غائرة في جسمه ، وهو مستسلم تماما لمصيره المحتوم .

كم تأثرت بهذا المشهد إذ جعلني أرى بوضوح حال أمتنا المستسلمة لعدوها الذي ينخر في جسدها دون رحمة ، وهي لا تقوم  بأي حراك للدفاع عن نفسها والانفكاك من عدوها ، مع ما تملك من أوراق القوة ، لاحول ولاقوة إلا بالله .