المعلم وإضرابه المشروع...
لوّحت نقابة معلمي وتربويي ساحل حضرموت منذ ما قبل انطلاق العام الدراسي الحالي بخيار الإضراب علّ صوتها يجد من يصغي إليه ، لكن لا حياة لمن تنادي ... لم يُستجيب لمطالبهم بل فوجئوا عند بدء الدراسة بحملة تهديدات بالفصل وإجراءات تعسفية وصلت إلى حد توقيف رواتبهم لشهر أغسطس.
وهنا نتساءل كيف يُراد للمعلم أن يُبدي "حسن نية" ويقف شامخاً في الصف الأول بينما يُقابل صبره بالوعيد وتُقطع عنه لقمة عيشه؟
المعلم ليس راغباً في الإضراب ولا حالماً بالتعطيل كيف لا فهو المربي الذي حمل رسالة الأنبياء ووقف يوماً على أبواب فصولنا يعلّمنا الحرف ويهذب الأخلاق، غير أن صوته ارتفع اليوم لأنه ذُلّ براتبه الهزيل والمتأخر ولأن كرامته غُيبت في زحمة الوعود الزائفة.
تخيّل أن تعمل في مرفق حكومي وتتسلم راتب شهر يوليو في سبتمبر!!؟؟ كيف ستسد نفقات بيتك؟ كيف ستطعم أبناءك؟ المعلم ظل سنوات صامتاً لكن حين ضاقت به السبل واشتدت حاجته لم يجد إلا أن يطالب بحقه.
وما يطلبه المعلم ليس المستحيل بل هو مطلب يسير "زيادة بسيطة تُعينه على مواجهة أعباء الحياة، فهل يعقل أن محافظة كحضرموت بكل ماتملك من موارد تعجز عن صرف زيادة (25 ألف ريال) فوق ما صرفته العام الماضي؟
إن التعامل مع ملف المعلم لا يكون بالتهديد ولا بالمماطلة بل بالمنطق والعقلانية... فإبداء حسن النية لا يعني أن يضحي المعلم بأطفاله وبحاجاته الأساسية، إلا إذا كان راتبه مجزياً يكفيه ويكفل له حياة كريمة حينها يمكن الحديث عن التنازل أو المرونة، أما أن يتقاضى الفتات ثم يُطلب منه أن يعلّم ويبدع ويزرع القيم فهذا ظلم لا يليق بمكانته ولا برسالته.
المعلم هو أساس النهضة وباني الأجيال ومن أراد مستقبلاً مشرقاً فليبدأ بإنصافه..