اللجوء إلى القضاء.. سلاح ذو حدين بين قرارات الزبيدي واتفاق الرياض
أثارت القرارات الانفرادية الأخيرة الصادرة عن عيدروس الزبيدي جدلاً واسعاً، وانقسمت حولها المواقف بين مؤيد يرى فيها تعزيزاً لدور المجلس الانتقالي، ومعارض يعتبرها تكريساً للتفرّد وإضعافاً لمؤسسات الدولة. ورغم موقفي المعارض لهذه القرارات، فإنني أود تذكير من يلوّح باللجوء إلى القضاء لإبطال قرارات الزبيدي، أن الانتقالي يمتلك هو الآخر الحق في اللجوء إلى القضاء للمطالبة بتنفيذ اتفاق الرياض بكل بنوده، وهو المرجعية التي قامت على أساسها الشراكة السياسية الحالية.
اتفاق الرياض الموقع في 5 نوفمبر 2019 برعاية وضمانة المملكة العربية السعودية ليس ورقة سياسية عابرة، بل وثيقة ملزمة داخلياً ودولياً، وأدرج ضمن المرجعيات الثلاث المعترف بها للحل في اليمن. ومن أبرز استحقاقاته التي يمكن أن يطالب الانتقالي بتنفيذها قضائياً:
* تشكيل حكومة كفاءات بالمناصفة بين الشمال والجنوب وتفعيل دورها من العاصمة عدن.
* إعادة تنظيم القوات العسكرية والأمنية ودمجها ضمن وزارتي الدفاع والداخلية.
* الالتزام بالمرجعيات الثلاث: قرارات مجلس الأمن، المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني.
القانون اليمني والدولي يمنح الاتفاق قوة إلزامية واضحة؛ فالمادة 151 من الدستور اليمني تنص على أن المعاهدات والاتفاقيات التي تبرمها الدولة ملزمة بعد التصديق عليها، والمادة 147 من القانون المدني تقر مبدأ "العقد شريعة المتعاقدين"، بينما تؤكد المادة 26 من اتفاقية فيينا للمعاهدات (1969) أن "كل معاهدة نافذة تُلزم أطرافها وعليهم تنفيذها بحسن نية".
من هنا، فإن فتح ملف القضاء لن يقتصر على مراجعة قرارات الزبيدي الأخيرة، بل سيعيد إلى الواجهة كامل بنود الاتفاق، بما تحمله من التزامات سياسية وأمنية لم تُنفذ بعد. وهو ما سيضع الشرعية والانتقالي، ومعهما الدول الراعية، أمام استحقاقات ثقيلة قد لا يرغب أي طرف في مواجهتها حالياً.
ومن هنا فالقضاء ليس سلاحاً بيد طرف واحد، بل أداة مزدوجة الاتجاه. ومن يطالب اليوم بإبطال قرارات الزبيدي عبره، قد يجد نفسه غداً أمام دعوى مضادة لإجباره على تنفيذ اتفاق الرياض كاملاً، وهو ما قد يغيّر موازين اللعبة السياسية في الجنوب.