غزة والعرب.. كل مؤتمر بلا فعل خيانة متعمدة وشراكة في الجريمة؟

كل بيان ضعيف،كل مؤتمر أو إجتماع بلا فعل كل شعار عن حقوق الإنسان لا يساوي شيئًا أمام دماء أطفال ونساء غزة الذين يلقون حتفهم يوميًا،والصمت العربي والدولي ليس حيادًا ومجرد غياب الكلام بل هو خيانة متعمدة وشراكة في الجريمة في كل طفلة تُقتل،في كل طفل يُدفن،في كل بيت يُهدم إذ يسمح للقاتل بمواصلة المجزرة بلا محاسبة،ويترك الضحية بلا حماية،بلا مأوى،بلا صوت مسموع والعالم الذي يتغنى بحقوق الإنسان صار شاهد زور،والأمم المتحدة أصبحت مجرد مراقب صامت للدماء التي تسيل يوميًا فأي صمت هذا الذي صار شريكًا في الجريمة؟وأي صمت هذا الذي يساوي بين الضحية والجلاد؟في غزّة الصمت لم يعد حيادًا،بل سلاحًا أشد فتكًا من القنابل الصمت هو الغطاء السياسي للمجازر،هو الحماية القانونية للقتلة،هو الخيانة الكبرى للإنسانية.

لكنّ الأقسى من كل هذا الدم هو الصمت الصمت الدولي والعربي الذي يغطي على المجازر كغطاءٍ أسود.العالم يتفرج على الشاشات وكأنه يشاهد فيلمًا لا يعنيه والمؤسسات التي وُجدت لتدافع عن الإنسان تكتفي ببياناتٍ باردة،مشبعة بالكذب.كل بيان إدانةٍ مشروط هو في الحقيقة تصريح قتل جديد،وكل تأجيلٍ لوقف إطلاق النار هو تمديد لعمر المجزرة إذ يتيح للإسرائيليين أن يقتلوا دون حساب،ويترك الفلسطينيين وحيدين في مواجهة آلة الموت المنظمات الدولية تتحدث عن "تقييم الوضع" و"بيانات إدانة مشروطة"،وكأن الدم الذي يسيل ليس دمًا،وكأن الأطفال الذين يُقتلون يوميًا ليسوا بشرًا هذه البيانات الباردة تصبح جزءًا من المجزرة وتضيف وزنًا جديدًا على كاهل الصامتين من يسمع صراخ غزّة؟ ومن يُحاسب القاتل حين يصمت العالم؟

والقوى الكبرى التي كانت تتغنى بالديمقراطية وحقوق الإنسان صارت متواطئة بالصمت،بل وبالسلاح والدعم المباشر الصحافة العالمية التي تُحرّك الدنيا لقطة واحدة في مكان آخر،تتلعثم أمام دم غزّة،وتبحث عن كلماتٍ تساوي بين الضحية والجلاد أي عارٍ أعظم من هذا؟وأي سقوط أخلاقي أكبر من أن تُباد مدينة كاملة،ولا تهتزّ ضمائر العالم؟

العالم الذي يدّعي الحضارة ترك غزّة وحيدة الكلمات التي تخرج في المؤتمرات لا تُشبع جائعًا،ولا تُوقف نزيفًا، ولا تُعيد طفلًا إلى حضن أمّه الشعارات التي رفعت باسم الإنسانية صارت أداة للخذلان،وصوت العالم المرتجف صار أضعف من أن يواجه الحقيقة غزّة تُقصف والناس يموتون،والطفولة تُدفن،والعالم يكتفي بالصمت،وكأن الدم الذي يسيل هناك لا ينتمي إلى البشرية.

وأخيراً غزّة اليوم ليست فقط ضحية حرب أو مجرد قضية هي امتحانٌ يومي للضمير الإنساني والعالمي،هي محكمة صامتة وشاهد على سقوط العالم على تواطؤ المؤسسات على كذب الشعارات في غزة يُدان العالم ويُفضح الصمت وتُكسر الإنسانية ويُعلَن إفلاس العالم أخلاقيا بعد أن تحولت المجازر فيها إلى مشهدٍ يومي حتى فقد العالم القدرة على الارتجاف موت الأطفال صار خبرًا عاديًا،هدم البيوت صار حدثًا متكررًا صرخات الأمهات صارت أصواتًا مألوفة هذا الاعتياد هو الجريمة الكبرى هو القتل الثاني للضحايا حين يصرخ الدم من بين الركام:"أين كنتم حين أُبيدنا؟أين كانت إنسانيتكم حين صار الدم أرخص من البيانات؟"غزّة اليوم مرآة،يرى فيها العالم وجهه القبيح وجهًا بلا رحمة،بلا عدالة،بلا ضمير بلا إنسانية والصمت الدولي لن يمحو دم غزّة،ولن يغطي على جراحها سيبقى هذا الدم شاهدًا على زمنٍ سقط فيه العالم،وستبقى غزّة رغم الألم،درسًا في الصمود سيكتب التاريخ يومًا:هنا في غزّة،ارتكبت إسرائيل المجازر،وصمت العالم،لكنّ شعبًا صغيرًا بحجمه،عظيمًا بكرامته،واجه العالم كله، وقال:"لن نموت إلا واقفين".