اليمن.. شعبٌ تائه بين ثمانية حكّام!
اليمن.. شعبٌ تائه بين ثمانية حكّام!
بقلم: د. الخضر عبدالله:
في مشهد غير مسبوق في تاريخ اليمن قديما وحديثا، يعيش البلد حالة من التشرذم السياسي والإداري جعلته فعليًا تحت حكم ثمانية رؤساء في آنٍ واحد، كل منهم يسيطر على جزء من الأرض، ويتصرف بسلطة تكاد تكون مطلقة ضمن حدوده الجغرافية الضيقة.
لكن في الوقت نفسه يعد هذا كارثة إنسانية يدفع ثمنها المواطن اليمني البسيط ، الجائع، الفقير، والمنسي، سيما في المناطق المحررة.
ومعاناة المواطن اليمني لم تعد مجرد أزمة إنسانية عابرة، بل تحولت إلى مأساة مزمنة تغذيها القوى السياسية المتفرقة، حتى باتت البلاد وكأنها مقسمة إلى ثمانية "دول" صغيرة، لكل منها حاكمه ومليشياته وأجندته الخاصة، بينما المواطن البسيط هو الخاسر الأكبر، وفي ظل هذه الفوصى العارمة لم تعد هناك سلطة واحدة تحكم اليمن.
حتى أصبح الموظف لا يعرف إن كان سيستلم راتبه هذا الشهر أم لا، بل لا يعرف حتى الجهة التي عليه أن يرفع شكواه إليها.
المواطن في المناطق المحررة اليوم يعيش تحت وطأة الفقر، وانعدام الخدمات الأساسية، وارتفاع الأسعار، وبات الطفل في اليمن لا يعرف طعم الطفولة، والمرأة أصبحت تتحمل أعباء المعاناة والفقر والجوع، والشباب يحلمون بالهجرة أو الموت، بعدما سرقت منهم أحلامهم على يد من يزعمون أنهم "أوصياء الوطن".
أقولها حقيقة يعيش اليمنيون اليوم في حالة دائمة من الخوف، والهلع حيث لا قانون يحميهم، ولا قضاء عادل ينصفهم، ولا سلطة موحدة توفر لهم الأمان.
ثمانية يرؤوساء تتقاسم النفوذ، فوق أرضٍ واحدة، بينما اليمنيون يتشاركون الجوع، والخوف، والخذلان. كل طرف يتحدث باسم الشعب، لكن لا أحد ينظر إلى معاناته. الكل يفاوض على طاولة المصالح، لكن لا أحد يفاوض على لقمة الخبز، أو على صرف رواتب.
والسؤال الذي بات يتردد في أذهان الجميع: متى ينتهي هذا العبث؟ ومتى يعود لليمن حاكم واحد، يحمل هم شعبه لا همّ داعميه؟ وهل كتب على اليمنيين أن يبقوا رهائن لدى ثمانية حكام، لا يجمعهم إلا التناحر والانقسام؟
لقد آن الأوان لتعود السيادة لشعب اليمن، لا لمن يتنازعون الحكم باسمه.