مجلس القيادة الرئاسي في اليمن.. عبث سياسي وتضارب صلاحيات يقود الدولة نحو الفشل
منذ لحظة إعلان تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في الجمهورية اليمنية كان واضحًا أن الخطوة تحمل في طياتها بذور الفشل. فقد تم تعيين رئيس للمجلس وإلى جانبه سبعة أعضاء آخرين في سابقة لم يشهدها العالم ولا العصر الحديث.
المجلس يفترض أنه أعلى سلطة في الدولة تحولت إلى عبء يثقل كاهل الشرعية، ويجعلها أضعف من أي وقت مضى.
المجلس بدلًا من أن يكون أداة لإعادة بناء الدولة وتوحيد القرار السياسي والعسكري والعدل والمساوه أصبح ساحة صراع وتنافس نفوذ بين أعضائه.
كل عضو يتصرف وكأنه رئيس دولة مستقل لقاءات مع السفراء والوفود الأجنبية
قرارات منفردة دون أي تنسيق وتعيينات قائمة على الولاء والمحسوبية لا على الكفاءة.
النتيجة أن الدولة تحولت إلى مهزلة حقيقية فاقدة للهيبة داخليًا وخارجيًا.
الأدهى والأمرّ أن المناصب السيادية تحولت إلى مصالح شخصية حيث يُمكّن كل عضو دائرته المقربة ويحرم الكفاءات الوطنية الأخرى لمجرد أنها لا تملك ممثلًا داخل المجلس.
وبهذا لم يعد المجلس يمثل الدولة
بل يمثل حصصًا موزعة بين قوى وأجندات متصارعة.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه الشعب اليمني ومعه جيشه الوطني استعادة العاصمة صنعاء وبقية المحافظات الواقعة تحت سيطرة المليشيات ينشغل أعضاء المجلس في تقاسم المناصب والمصالح وكأن الأولوية لديهم ليست تحرير الوطن بل تكريس نفوذهم.
إنها مفارقة مؤلمة تُظهر حجم الانفصال بين قيادة غارقة في حساباتها الضيقة وشعب يرزح تحت وطأة الحرب والانقلاب.
المسؤولية لا تقع على الأعضاء وحدهم بل على من وضع هذا التشكيل وفرضه متجاهلًا أن الدولة لا تُدار بهذه الطريقة وأن الشعب اليمني بحاجة إلى قيادة واحدة قوية واضحة الصلاحيات ليس مجلس مشترك يتنازع أعضاؤه على السلطة.
إن اليمن بحاجة إلى رئيس قوي رجل مرحلة لا مكان للضعف في صفاته يقود البلاد بقرار سيادي واحد ويعيد الاعتبار للدولة وهيبتها.
أما الصيغ المبتورة التي نراها اليوم فهي لا تصنع إلا مزيدًا
من الانقسام والفوضى، وتفتح الباب واسعًا أمام التدخلات الإقليمية والدولية.
لقد آن الأوان أن يرفع الشعب صوته عاليًا وأن يتحرك الجيش بوصفه حامي الوطن للضغط من أجل تصحيح المسار. الصمت لم يعد خيارًا والتخاذل جريمة بحق اليمن وتاريخه.
إن بقاء المجلس على هذا النحو ليس سوى تمديد لعمر الفوضى والانقسام بينما استعادة صنعاء وتحرير ما تبقى من المحافظات تحتاج إلى قيادة وطنية قوية
لا تعرف المساومة، وعلى كل القوى الوطنية أن تدرك أن ساعة الحسم قد اقتربت وأن التاريخ لن يرحم المتقاعسين عن نصرة وطنهم.