انخفاض العملة لم يصل إلى موائد الفقراء

تتوالى تصريحات الحكومة وقراراتها المتلاحقة بشأن تخفيض الأسعار تماشياً مع انخفاض سعر الصرف، وكأنها بشائر خير طال انتظارها. غير أن الواقع، وللمرة الألف، يكذب تلك الشعارات. فما إن تعلن السلطات عن توجيهاتها حتى تبقى مجرد كلمات تتناقلها وسائل الإعلام دون أن تجد طريقها إلى الأسواق أو حياة الناس اليومية. الأسعار كما هي، بل إن بعضها يواصل صعوده بلا رادع، والتاجر يبرر، والمسؤول يبرع في الصمت.

يأتي ذلك في وقت يعيش فيه موظفو القطاعين المدني والعسكري مأساة متجددة مع دخولهم الشهر الثالث بلا رواتب. لا معاشات تحفظ كرامتهم ولا حلول تخفف عنهم ثقل الأعباء المعيشية، فيما يكتفي أصحاب “الفخامة” ببيانات جوفاء لا تشبع جائعاً ولا تسد رمق طفل ينتظر لقمة العيش.

لقد باتت قرارات تخفيض الأسعار مثالاً صارخاً لانفصال السلطة عن واقع الشعب. فبينما يُفترض أن يكون انخفاض سعر الصرف فرصة لتخفيف معاناة المواطنين، تحولت الإجراءات الحكومية إلى مسرحية رتيبة: إعلان هنا، توجيه هناك، ونتيجة واحدة… لا شيء يتغير.

إن استمرار هذا العبث يفاقم فقدان الثقة بين الشارع والسلطة، ويؤكد أن الأزمة لم تعد أزمة اقتصاد فحسب، بل أزمة إرادة سياسية وضمير غائب. فالشعب الذي أثقلته الحروب والأزمات لا يحتاج مزيداً من الخطابات، بل أفعالاً ملموسة تعيد للقرارات معناها، وللحياة حدّاً أدنى من الكرامة.

ختاما.. كلكم راعً وكلكم مسؤولاً عن رعيته, فاستيقضوا من سباتكم وانظروا لحال الشعب الذي رفعكم وجعلكم تجوبون البلدان والتحدث باسمه قبل أن تخرج الأمور عن حدها..

والله من وراء القصد..