السقوط الأخلاقي

 بقلم: حسين السليماني الحنشي

لم يعد السقوط الأخلاقي مجرد انحراف شخصي أو سلوك فردي شاذ، بل أصبح ظاهرة متجذرة في بعض القيادات التي ترفع شعارات الوطنية بينما تتنعم بثروات طائلة جُمعت من قوت الشعب وحقوقه. نرى الفيلات الفاخرة والسيارات الفارهة شاهدة على هذا النهب، فيما يقبع المواطن البسيط أسير الجوع والعوز.

إن أخطر صور السقوط الأخلاقي حين يتجسد فيمن يتحكمون بمصائر البلاد والعباد، فيتاجرون بالأحلام والآمال، ويجعلون من الفساد قاعدة ومن الرشوة قاعدة للتعامل. هكذا تتحول القيم إلى مجرد شعارات براقة، ويصبح "القائد البطل" و"المسؤول بحجم الوطن" مجرد عبارات للتلميع والتطبيل، لا تعكس واقعًا ولا تحمل صدقًا.

المفارقة المؤلمة أن هذا الواقع يزرع في أذهان جيل الشباب أمنية أن يكونوا "مسؤولين" لا لخدمة الوطن، بل للثراء السريع وتحقيق العيش الرغيد على حساب الآخرين. وبذلك يُعاد إنتاج الفساد جيلاً بعد جيل.

لقد أدى غياب الدولة وفقدان الوازع الديني والأخلاقي إلى انهيار الثقة بين الشعب وقياداته، فباتت أي إصلاحات سياسية أو اقتصادية لا تجد من يصدقها سوى المنتفعين. هذا الانفصال بين الحاكم والمحكوم لم يخلق فقط فجوة اجتماعية، بل فتح الباب أمام الجريمة، والعنف، والانحرافات الأخلاقية التي تهدد السلم الأهلي.

إن سقوط الأخلاق لدى القائد لا يعني سقوطه شخصيًا فحسب، بل سقوط مجتمع بأكمله في مستنقع فقدان القيم. وما لم يستيقظ الضمير العام، ويُستعاد الردع القانوني والديني، سيبقى وطننا عالقًا في دوامة الفساد، يفتقد القدوة الصالحة، وتضيع فيه ثقة الناس بمستقبلهم.