من سرقوا اليمن يريدون إنقاذها

بلد أنهكته الحرب، ومزقته الأطماع، ما زال بعض من تصدروا المشهد السياسي منذ سنوات الخراب الأولى يتصرفون وكأن اليمن أرض بلا شعب، وطن بلا ذاكرة، وتاريخ بلا كرامة. وعلى رأس هؤلاء، حميد الأحمر ومن على شاكلته، الذين لم يتركوا لليمن غير الصراعات، ونهب الثروات، وتفكيك الدولة، ثم عادوا يتصدرون المشهد بوجوه ملساء، دون خجل أو اعتراف بالذنب.

حميد الأحمر، أحد رموز ما يسمى بـالنفوذ القبلي–السياسي– الاقتصادي لم يقدم لليمن مشروع دولة، ولا بنية مؤسسية، ولا حتى نية للإصلاح، بل كان شريكا بارزًا في تحويل السياسة إلى صفقات، والوطن إلى غنيمة. من أين له كل هذا النفوذ والثروة؟ من عرق من؟ من خيرات من؟ أليست هذه البلاد المنهوبة التي يتباكون عليها اليوم هي ذاتها التي عبثوا بها بالأمس؟
والغريب، بل المؤلم، أن من ساهموا في إسقاط الدولة وتدمير مؤسساتها، يطالبون اليوم بأن يعودوا على ظهر الوطن كمنقذين، كأننا شعب بلا ذاكرة، وكأننا لا نعرف من باع ومن اشترى، ومن دعم الانقسام، ومن تاجر بالحرب، ومن بنا إمبراطوريات مالية على ركامنا.

هل سألتم أنفسكم، أنتم الذين صنعتم نفوذكم في ظل السلطة، ماذا قدمتم لليمن فعلاً؟ أين مدارسكم؟ مستشفياتكم؟ مشاريعكم التنموية؟ مواقفكم الوطنية في زمن الحقيقة؟  
أم أن دوركم اقتصر فقط على جمع المال وتوزيع الولاءات وتفتيت هذا الوطن كأنكم تتقاسمون كعكة؟

كفوا عن ادعاء الوطنية، فالوطنية لا تُلبس كعباءة موسمية.
كفوا عن المتاجرة باليمن، فقد شبع الوطن من كذبكم، ومن صوركم التي تزاحم صور الشهداء، وأنتم لم تقدموا غير البيانات الفارغة.
اليمن لم تعد تتحمل أكثر.  
لن تبنى من جديد على يد من دمروها، ولن تعود قوية إلا بعد أن تسقط كل الأصنام، مهما كانت أسماؤها، أو ألقابها، أو قبائلها.
عودوا خطوة للوراء، واصمتوا فصوت الحقيقة قادم، وصوت الشعب بات أقرب مما تظنون.