السابع من أكتوبر يوم استتثنائي في التاريخ الحديث ،، (سلام عليكم بما صبرتم ..فنعم الرجال أنتم)
بقلم د. سعيد سالم الحرباجي
لم يكن تاريخ السابع من أكتوبر (2023م ) يوماً اعتيادياً......بل كان يوماً مفصلياً في التاريخ الحديث.
ذلك ما أكدته الأحداث ، وهذا ما سطره الواقع ، وما دوَّنته الوقائع ، وما شهد له العدو قبل الصديق .
كثير من الجهلة والخبثاء ، يظنون أنّ
أحداث ذلك اليوم كانت نزوة عابرة ، أوتصرفاً متهوراً ، أوعملاً ارتجالياً ، او هروباً إلى الأمام من قبل قادة حماس دون بصيرة .
لكن الحقيقة غير ذلك بتاتاً .
فأحداث السابع من أكتوبر ....أثبتت أنَّ هناك قادة واعين لما اقدموا عليه ، وأنَّ هناك رجالاً أعدوا لذلك اليوم عدته ، وأنَّ هناك مفكرين خططوا ونظموا ، ورتبوا ، وجهزوا وحسبوا لكل شيء حسابه .
وهذا ما أكده شهيد طوفان الاقصى يحيى السنوار حيث قال وبكل وضوح :
سنجعل ( النتن ياهو) يلعن اليوم الذي ولدته فيه أمه ، وسنحشر إسرائيل بين خيارين لا ثالث لهما....
إما الإذعان للقرارات الدولية ، والرضوخ لمطالب الشعب الفلسطيني ، وإما أن تّحَاصَرُ بعزلة دولية .
تلك هي الرؤيا التي على أساسها انطلق الطوفان ، وهذه هي الخطة التي بنوا على أساسها كل تحركاتهم .
وها هي اسرائيل تفضَّل الخيار الثاني ، وهاهي اليوم تعيش عزلة دولية حقيقية ، وها هم قادتها مُلَاحقُون من قبل المحاكم الدولية ، بل وَيُرْمَونَ بالاحذية في كثير من الدول .
وها هم رجال المقاومة لا تزال أياديهم على الزناد إلى هذه اللحظة ، وها هم يديرون المعركة بكل اقتدار وعلى جميع جبهات المواجهة ( العسكرية والإعلامية ، والسياسية ، والتفاوضية ، والأمنية ، والإغاثية ) ..
بل وأصبحوا اليوم نداً لنظام الإستكبار العالمي.
ويكفيهم شرفاً شهادة المجرم ( ترامب ) حيث قال : { ننتظر رد حماس } وقد حبس العالم أنفاسه لساعات طوااااال منتظر ماذا سيقول ( قادة حماس ) .
وهي ليست دولة ، وليست حكومة ، ولا هي جمهورية ...
وإنما هي جماعة مقاومة نفضت غبار الذل وقررت المواجهة العسكرية لنظام الإستكبار العالمي بمفردها .
فنالت هذه المكانة ، وحازت هذا الشرف ، وأحدثت ذلك الحراك العالمي غير المسبوق، على مستوى الشعوب ، وعلى المستوى الرسمي ، حتى أصبحت غزة أيقونة الأحرار ، وملهمة الثوار ، وحديث السمار .
فأحداث أكتوبر نقلت الحركة من جماعة صغيرة محاصرة إلى نِدِِ عنيد ، وإلى مقاوم صنديد ، وإلى فكر رشيد .
وأدرك قادتها أنَّ السياسة ليست فن الممكن وحسب كما يسميها هنري كيسنجر ، ولكن أضافوا لها قيمة جديدة ، ومفهومأ آخر تمثل بالواقعية الإيمانية والتي هي عبارة عن صمود عقائدي فريد ممزوج ببراغامتية سياسية رشيدة.
لذلك استغلوا كل الوسائل التي تخدم مشروعهم بذكاء متميز ، وبدهاء حاد ، وببراعة نادرة .
ففطنوا إلى أهمية الإعلام..... فكان سلاحاً فتاكاً لا يقل أهمية في ميدان الصراع عن الصواريخ
والقنابل .
ونظروا إلى التفاوض باعتباره جولة من جوالات الصراع وليس ضعفاً ، فأفردوا له أدواته ، وأعده له رجاله ، وجهزوا له عتاده ، وأناخوا له جماله .
لقد كان يوم السابع من أكتوبر يوم العبور إلى المجد التليد ، كسروا من خلاله شوكة اليهود ، وأعلنوا فيه انتهاء زمن العربدة دون حساب ، وعلمونا أنَّ إعداد الرجال هو الأهم في ميزان الصراع ، وأكدوا لنا أنَّ الظروف مهما حطمتك ، وطحنت عظامك.... أن تصنع منها لبنات متينة لتشييد الصرح الجديد .
وأرسلوا لنا رسائل مفادها { إياك أن تتقمص دور الضحية وتستسلم بل أنفض غبار الذل واستعد طاقتك من جديد } .
وأكدوا لنا أنَّ حسن الظن بالله ، والتوكل عليه بصدق ....هو أمضى سلاحاً في مقارعة الظلم ،
وفي محاربة الأعداء ، وفي مواجة الباطل .
إنَّه طوفان الأقصى تحرك بعنف ....
فكشف سوأة اليهود ، وأبان مواطن ضعفهم ، وحطم أسطورة جيشهم ، وبدد أحلامهم ، وشتت شملهم ، ومزغ نسيجهم الإجتماعي ،
وأفقدهم الثقة ببعضهم البعض .
، وفي الوقت نفسه أخرج الحيات والعقارب المتدثرة بغطاء الوطنية ، والمقاومة ، والممانعة ، وأشاح اللثام عن المتصهينين ، والمطبعين ، والتمخاذلين ، والمنبطحين .
إنَّه طوفان الأقصى ...
تفجر ليواصل طريقه حتى غايته ومبتغاه .