أكتوبر المجيد يبكي عدن.. صرخة أرض وكفاح شعب لا يهنأ

بقلم -نائلة هاشم

عدت يا أكتوبر المجيد تسأل عن أحوال البلاد؟ نحن نعيش تسلسل مراحل الثورة... لو تعلم حجم المعاناة التي نعيشها ساحكي لك ... نبدأها بالتعليم الذي أصبح سلعة للتجارة، والصحة استثمارا، والرواتب أصبحت حلم في النهار، الكهرباء تموت في ليل وتحيا في النهار ؛ لو تعلم أصبحنا ننتظر إطلالة الماء كل خمسة أيام.

أتعلم يا أكتوبر  أن أرض الشهداء ودمائهم الزكية الطاهرة قد سلبت كرامتها، وانتهكت حقوقها . بعد أن كانت في القمم أصبحت في القاع. أصبح شعبها أمي جاهل لا يعرف القراءة ولا الكتابة،  ضاع فيها القانون والقلم.  
اتعلم يا أكتوبر أن البلاداختلت فيها الموازين  فاهتزت  لتخرج لنا نبتة شيطانية لا تعرف غير معنى واحد أكل الأخضر واليابس. نعم، إنهم قوم ياجوج وماجوج، لا يفرقون بين حرام وحلال، بين نظام وفساد، قوم لم تعرفهم أنت يا أكتوبر الحبيب ولا أنا.

انتظر، لا ترحل؛ بقي لي الكثير لأحدثك عنه عن أحوال بلاد الفقير و المساكين: من حاصروها وكمموا افوائها ، وأصبح الرويبضة يتحدث عنها دون علم له بماضيها الجميل الذي يمتد إلى أكثر من خمسة آلاف سنة. لو يعلموا أن لها بحراً تتاهفت عليها  السفن والتجار ، فلما يتركوه مهملًا..؟ لو يعلمون أن زرعها غزا العالم من بن وبصل وسدر وعسل، وكذلك اللبان والبخور ودم الأخوين... إنها بلادي الحبيبة .

انتظر يا أكتوبر، لا تذهب. الان ساخذك لزيارة شوارعها المظلمة، انتبه أن تسقط أو تنجرح في طرقاتها المملوءة بالأشواك. لا تحزن على من كانت بلاد يضيئها العلم والعمل النظام والقانون، والان أصبحت... نعم اكمل، لا تخف، اكمل الجملة...لحظة صمت رهيبة مضت وكأنها أعوام؛ رأيت فيها وجه أكتوبر ودموع حرقته، وألما يعصر قلبه على عدن الحبيبة ومن لطخوا وجهها بالسواد وأسوء الصفات.

وفجأة انتفض أكتوبر المجيد وقال لي: لا تحزني، فأنا سأدمر بصرخاتي كل من أساء لها؛ وأحارب كل من أساء لهذا الوطن. إنها سحابة شؤم وخطر، لكنها سحابة تنقشع وتذهب، وتبقى أنا وأنت الأصل والصورة.

وصرخ باعلى صوته مناديا يا من تربوا على يدي، أنا أكتوبر المجيد: هلموا أنقذوا الشعب من الجوع والخوف. أطلقوا سراح من أحبني وأحببتهم، دعوهم وشأنهم، اتركوهم، فهذا الوطن لا يعرف قيمته وتاريخه إلا من تربى فيه واعتز به.

وختاما اقول ،: لم يتبقى من أكتوبر الا مشاهد خالدة... أملنا فيك ومعك سنبقى نروي الوطن بصمودنا وكفاحنا حتى يعاد له مجده. لا ترحل قبل أن يرى شعبك بصيص نور جديد