مشوار  الكيتي كات..

بقلم .ا.د.الخضر حنشل..

ياله من مشوار عجيب غريب ..فيه تقاطر الناس منذ بزوغ فجر التحرير وهم يهتفون ويرددون شعارات كثيرة تعينهم على قطع المشوار الطويل ..
وفي عيون الكثير منهم أمل لاتجرؤ الكائنات مهما كان شأنها على اعتراضه..
احلام كثيرة تفوق روايات الف ليلة وليلة ...وشعارات طوباوية تفوق  احلام مخترع المدينة الفاضلة..يرددون في كل مهرجان شعارات مما رسخ في ذهني في عهد الطفولة.. قولهم من كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته ...
ومرت الايام فصارت الحاجة اكبر من الطاقة ،،وتبدلت اللغة وتغيرت المفاهيم فصارت الحناجر تهتف لوميض برق الوحدة وصوت رعدتها وكان حالهم أشبه باجدادهم الأوائل فكلما رأوا عارضا مستقبل أوديتهم  قال هذا عارض ممطرنا.. فنسيوا تلك الشعارات القديمة التي كان لها رعودها وبروقها، وما أن تبخر برق الوحدة ورعدها حتى تكشف لهم أنها مجرد رعود بلامطر فلم تمطر السماء ذهبا ولم تخرج الأرض اثقالها الثمينة
..فعادوا يبحثون عن شعارات جديدة يقتاتون منها وتنجيهم من هم الصواعق التي سقطت على رؤوسهم بغير مطر..
عادوا وفي قلوبهم حسرات كثيرات ،فرفعوا رؤوسهم فراوه عارضا مستقبل أوديتهم مجددا فقالوا بصوت مهووس ..هذا عارض ممطرنا ومن المؤكد أنه ليس كبقية العوارض التي مررنا بها أنه سيأتي بالخلاص الحتمي وسننعم  تحت مظلته  بما لذ وطاب ففيه من الخير ما ليس في غيره من العوارض التي جثمت على صدورنا ...
أنه ممطرنا بالخير والرفاه...فتقاطروا مجددا وجاءوا بوجوه لاتشبه تلك الوجوه القديمة الا في بعض الملامح البشرية..جاءوا وهتفوا حتى بحت الحناجر ..فاجتاحتهم عاصفة هذا العارض  حتى خيل إليهم أنهم في يوم الحشر كل واحد يفر من أمه وأبيه وبنيه وقبيلته التي تأويه يريد أن ينجو بنفسه من هول ذلك الاعصار الذي لف الجميع في دوامة عتية منعت الحناجر من الهتاف فتجمدت العيون في المحاجر وبلغت القلوب الحناجر ..
ومازالت الدوامة تلف الجميع من اقصاصهم إلى أقصاهم...الا أولئك النفر البائس الذين يقفون فوق جبل من الأموال والمدخرات ،ولسان حالهم يقول لا عاصم لنا اليوم إلا هذا  الجبل العظيم،،انه سيحمينا من طوفان العاصفة ودوامتها ..وتبلدت العقول فلم تعد ترى أي عارض في الأفق البعيد.
ومن المؤكد أن حال هذه الأمة في جنونا العزيز قد لوحظ من زمن طويل عند اولئك الحكماء الذين أرادوا تقديم الوصفات العلاجية للأمراض التي أصابتها  منذ فجر التاريخ ولعل افضل ماوقع عليه بصري تلك الأبيات الشعرية العميقة التي ساقها الشاعر الهمام المرحوم أبو حمحمة في العام 96  حددفيها معاناة الجنوب منذ الاستقلال حتى الوحدة فقال ..

لا عاد لكن أبا ولا أما لكن باتحزنين الوقت يالست البنات.
شمسان بوكن وصيرة امكن صيرة توفت وجبل شمسان مات.
هذا حسابك يالجنوب الثائرة ياأم المعاصي والغلط والموبقات.
يادي تآمرتي على كمن برئ وتحسبينه مثلما شاهي وقات.
لا عاد معش مسجد ولا قاضي معش ذي بايصلي للجماعة والصلاة.
الأمن مافيش والعدالة ضائعة  لتكلم المسئول باعوه السكات
نحن من السبعين واحنا في تعب ماهل ندرجها على كيتي وكات..
واحسب أن مشوار الكيتي كات مازال مستمرا حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا..