الطريق إلى الموت.. العرقوب يحرق أبناء اليمن من جديد
صباح موجع آخر استيقظ عليه اليمنيون أمس مع فاجعة جديدة من فواجع الطريق الذي لاتنتهي، طريق "العرقوب الدولي" الذي لا يحمل من صفات الطرق الدولية إلا الاسم فقط!، حادث مروري مروّع راح ضحيته قرابة عشرين راكبًا من العائدين من الغربة، أُحرقوا أحياءً داخل حافلة نقل جماعي، تفحمت أجسادهم وسط عجز، وإهمال، وربما تواطؤ صامت من الجميع.
المؤلم في الحادث أنه تكرار لاختبارات فشل دائمة، حوادث العرقوب لاتنتهي ويفتقر لابسط وسائل السلامة حتى ولو كانت بدائية فهي غائبة تمامًا، فلا تجد دوريات مرور مثلًا، ولا لافتات إرشادية، ولا إنارة، ولا إسعاف قريب منك، ولا حتى طريق صالح للسير، طريق نائي وسط جبال حتى تغطية الاتصالات لاتوجد!،
خط هش وضيق ومتآكل لا يصلح حتى لتهريب أغنام، فكيف لمرور مئات المركبات يوميًا؟!.
حجاجًا ومعتمرين وعمالًا ((وأحلام عائلات)) انتظرت عودة فلذات أكبادهم على أحرّ من الجمر عودة أحبتها ولكنها لم تعد، وكان طريق العرقوب بالمرصاد لقبض الأرواح هناك!!.
ذوو الضحايا لم يستقبلوا أبناءهم بالأحضان كما حلموا، بل استقبلوهم جثثًا هامدة متفحمة، في مشهد يفوق قدرة العقل على التحمل، من سيتحمّل مسؤولية أرواح أزهقت؟ من سيُحاسب من على هذا الفشل المزمن؟ هل الحادث "قضاء وقدر" فقط؟؟، كما اعتاد المسؤولون تبرير تقاعسهم؟ أين محافظ أبين؟ أين وزارة النقل؟ أين أموال الجبايات؟ أين التخطيط؟ أين العدالة والمحاسبة؟!
ما جرى يجب ألا يمر مرور الكرام، يجب محاسبة الجميع ابتداء من الحكومة والمحافظ وانتهائًا بشركة النقل،
أن حادث العرقوب صباح أمس ليس الأول ولايمكن أن يكون الأخير، لذلك يجب فتح تحقيق فوري وشفاف وعلني في ملابسات الحادث، وإيقاف الرحلات على هذا الخط مؤقتًا حتى تأمينه، ثم إنشاء طرق بديلة وسريعة، وفق المعايير الدولية،
مع إلزام شركات النقل بتوفير أنظمة سلامة ومراقبة فنية دورية.
كما يجب ومن الضروري إنشاء مركز طوارئ على الطريق مزود بالإسعافات الأولية، وتحميل الجهات الحكومية المسؤولية المباشرة في إهمال الطريق، هل يعقل أن مانحين دوليين وموارد محلية ومنظمات تأتي للحكومة من كل حدب وصوب للحكومة، ونقاط جبايات بالمليارات في السنة معقول لايستطيعون فتح وانشاء خط آخر موازي (ذهابًا وايابًا)!!.
والله لو نحن في دولة تحترم مواطنيها لقدم وزير النقل استقالته أو اقل شيء المحافظ أبوبكر حسين ولكن الجميع لايكترث ولا كأن شي حدث، من المفارقات العجيبة أن الجميع زار موقع الحادث لالتقاط صور فقط بعد مضي ساعات طويلة عليه ثم مضوا!!.
ما يحدث ليس سوى صورة من صور الفساد التي تغرق فيها البلاد، بينما تُهدر ملايين الدولارات في الولائم والسفر والمؤتمرات (الهامشية)، والمواطن يموت حرقًا على طرقات جبلية وبدائية وعرة،
قلوبنا مع أسر الضحايا،
ومطالبنا بفتح هذا الملف باتت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى،
لأن القادم في ظل هذا الإهمال قد يكون أبشع، وما احتراق باص الحجاج قبل عامين أو يزيد وفي نفس المكان والزاوية إلا تأكيد صريح على مواصلة الإهمال من قبل جهات ذات الصلة، والعرقوب يحرق أبناء اليمن من جديد وعلى الدوام.


