وطن... لا يُنقذه إلا وعي شعبه

لم يعد الرهان على الأحزاب ولا على القيادات ولا على الدعم الخارجي مجدياً. كل ما جُرّب في اليمن منذ سنوات لم يصنع دولة، ولم يحفظ كرامة، ولم يحقق سيادة. كل التجارب السياسية التي رُفعت تحت شعارات "الشرعية" أو "القضية" انتهت إلى الارتهان والتبعية، وتحوّلت إلى أدوات في أيدي الآخرين.
لقد سقطت الشعارات وبقيت الحقيقة واضحة: حين يفقد الوطن قراره، تسقط كل الشرعيات، ولا يبقى إلا الشعب.

نعم، الأمل في الله أولاً، ثم في هذا الشعب الذي صبر كثيراً، وآن له أن يفهم.
الشعب اليمني وحده القادر على كسر هذه المعادلة المختلّة التي جعلت القرار الوطني رهينة بيد الخارج، وجعلت مصير الوطن مرهوناً بأطماع الساسة وضعف القيادات.
لقد آن لليمني أن يتيقن أن خلاصه لن يأتي من سفارة ولا من عاصمة أجنبية، بل من وعيه هو، من لحظة إدراكه أن المسؤول الأول والأخير عن هذا الوطن هو هو نفسه.

إن تجارب الشعوب عبر التاريخ تقول شيئاً واحداً:
حين تفهم الشعوب، تسقط الوصاية.
وحين تدرك الشعوب قيمتها، تسقط الطغاة والعملاء، وتنهض الأوطان.
وهذا ما نحتاجه اليوم في اليمن — ثورة وعي قبل أي ثورة سلاح، ثورة إدراك تعيد ترتيب المفاهيم وتمنح الشعب ثقته بنفسه من جديد.

الشعب اليمني ليس عاجزاً، لكنه خُدّر طويلاً بخطابات الوهم ووعود الدعم الزائف.
لقد خُدع بشعارات "الشرعية"، ثم بوعود "الانتقالي"، ثم بأحلام "التحالف".
لكن الوعي لا يموت، واليمن ما زال فيه رجال ونساء أحرار يدركون أن الكرامة لا تُشترى بالدعم، والسيادة لا تُمنح من الخارج.

إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وهذه هي القاعدة التي ينبغي أن نعود إليها.
فالتغيير يبدأ من الداخل: من الوعي، من الكلمة، من رفض التبعية، من الإيمان بأن قرار اليمن لا يُكتب في الرياض ولا في أبوظبي ولا في طهران، بل يُصنع هنا... في قلوب اليمنيين الأحرار.

لقد تعب الوطن من الذين يتاجرون باسمه، وآن للشعب أن يقول كلمته:
لا شرعية بلا سيادة،
ولا سيادة بلا وعي شعبي،
ولا وطن بلا قرار حر.

أيها اليمنيون، أنتم الأمل بعد الله، وأنتم القوة التي يخشاها الجميع.
وحين تفهمون، لن يجرؤ أحد على مصادرة إرادتكم بعد اليوم.
وحين تنهضون، سيسقط كل من باع القرار، وستعود اليمن كما أرادها الله:
حرّةً، عزيزةً، سيدةً على أرضها وقرارها وثرواتها.