هدايا نوفمبرية

كتبها: حسين السليماني الحنشي.

يبدو أن نوفمبر يبعث إلينا برسائله في الجنوب، حيث يذكرنا بآخر جندي خرج من المنطقة. واليوم، نحن ندفع ما لدينا إلى ديسمبر لخروج آخر جندي أدخلناه بأيدينا أو أدخله الصراع بيننا، أو أدخلته قيادات لا تفهم من القيادة السياسية سوى اسمها. على العموم، نحن الآن بصدد هذه الهدايا من نوفمبر. فقد رفعنا العلم واستلمنا الراية، وتولينا إدارة البلاد، وما هي إلا لحظات حتى عدنا إلى حمل البندقية في صدورنا، وللأسف، لا زلنا كذلك حتى اليوم.

اليوم، نحن قد كبرنا واكتسبنا الدروس والعبر من الماضي، لذا لا يحق لنا، ولكل عاقل وكل قائد وطني، أن يبقي يده على الزناد مصوبًا هدفه نحو من لديه خلاف سياسي معه. إن الماضي الذي عايشناه وعاشه الشعب الجنوبي وما زال يعاني منه حتى اليوم، يفرض علينا أن نتجاوز كل ما في صدورنا من خلاف تجاه الآخرين من أبناء جلدتنا. فالواقع يشهد على حالنا وانهيار دولتنا... لا ينبغي أن نعود إلى الماضي الذي أخذ منا الكثير، بل يجب أن نتطلع إلى مستقبل أفضل، ونتعلم من أخطائنا ونفهم الحفر التي وقعنا فيها.

اليوم، جاء مثل نوفمبر، فلنحسب الكل كيفما شاء، سواء كان خذلانًا أم نصرًا ومقاومة مسلحة، فقد كان ما هو كائن اليوم، وعلينا التعامل معه ومع الشعب الجنوبي دون تخوين، وعلى من بيدهم زمام الأمور أن يتحلوا بالمبادرة والشفافية والنزاهة في الواقع. حتى لا ندخل في صراعات ليس لنا فيها ناقة ولا جمل... يكفي ما عاناه هذا الشعب من تهميش وذل ومعاناة.

إلى الشعب الجنوبي العزيز، وإلى القيادة السياسية الحالية والمستقبلية، ننصح ونكرر بعدم تكرار الأخطاء التي أدت إلى ما نحن فيه اليوم. لقد عانينا كثيرًا من الحروب والصراعات والانقسامات، وعانينا من الفساد والظلم والتهميش. اليوم هو معركتنا لبناء المؤسسات، ويجب أن تكون مصلحة الوطن والشعب فوق كل اعتبار، وأن نعمل على بناء دولة قوية ومستقرة تقوم على العدل والمساواة وحقوق الإنسان، وأن نسمح للشعب باختيار قادته وممثليه بكل حرية وشفافية، حتى لا يتكرر ما حدث.

اليوم، يجب على الوطنيين تعزيز الوحدة الوطنية، والحفاظ على وحدة الجنوب وأراضيه، ورفض كل أشكال التدخل الأجنبي التي تهدف إلى تقسيم هذا الشعب المعطاء. كما يجب العمل على تعزيز الاقتصاد الوطني، وتنمية الموارد الطبيعية والبشرية، وتوفير فرص العمل والتنمية للشعب، والحفاظ على الأمن والاستقرار، ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وحماية حقوق المواطنين وحرياتهم.

إلى الشعب الجنوبي، ننصحكم بأن تكونوا متحدين ومتماسكين، وأن تدافعوا عن حقوقكم ومصالحكم، وأن تشاركوا في بناء وطنكم ومستقبلكم.

إلى القيادة السياسية، رسالتنا أن تكونوا صادقين وأمناء، وأن تعملوا على تحقيق مصلحة الوطن والشعب، وأن تحافظوا على وحدة الجنوب وأراضيه.