الحرب بين صقورنا وذبابهم.. حين يقاتل الشجعان ويعوي العاجزون

ليست المعركة اليوم بين جيشٍ وجيش، ولا بين مشروعٍ ومشروع، بل بين صقورٍ تصنع النصر وذبابٍ يعيش على رائحته. بين رجالٍ يكتبون التاريخ بالدم، وأقزامٍ يحاولون محوه بالضجيج. إنها حرب الفعل في مواجهة الطنين، وحين يعلو الفعل… ينكشف العجز.

صقور الجنوب لا تشرح انتصاراتها، ولا تستجدي الاعتراف بها. تمضي إلى الميدان، فتتكلّم الأرض نيابة عنها. كل خطوةٍ تتقدّمها القوات المسلحة الجنوبية تُقابل بزلازل في معسكر العجز؛ لأن الانتصار حين يكون حقيقيًا، لا يحتاج إلى تصديق الخصوم، بل يُجبرهم على الصراخ.

أما ذبابهم الإلكتروني، فليس معنيًا بالحقيقة أصلًا. مهمته الوحيدة:

تشويه الواضح،

وتقزيم العظيم،

وتضخيم الهامشي،

والنفخ في كل خطأٍ عابر حتى يبدو كأنه انهيار كوني.

خطأٌ ميدانيٌّ طبيعيٌّ—ترافق كل الحروب المنتصرة منذ فجر التاريخ—يُرفع عندهم إلى مرتبة “الفضيحة”،

بينما تُدفن الأخطاء الكارثية، والهزائم الثقيلة، والخيانات الموصوفة لكل الأطياف الشمالية تحت سجاد النفاق، وكأن الدم الذي سُفك هناك دمٌ بلا أصحاب.

هؤلاء لا يكرهون أخطاء الجنوب…

هم يكرهون نجاحه.

لا يخشون زلّته…

بل يرتعبون من ثباته.

لذلك يهاجمون الصقور لا لأنهم يرونها ضعيفة، بل لأنهم يعرفون أنها لا تُهزم.

الذباب لا يهاجم الأسد لأنه أخطأ، بل لأنه أسد.

والمفارقة الفاضحة أن من يزايد اليوم على “المهنية العسكرية” و“القيم الوطنية”،

هو ذاته من بارك الانكسارات،

وصفّق للانهيارات،

وبرّر تسليم المدن،

وتعايش مع الفساد،

وتاجر بالدم،

ثم جاء ليقدّم نفسه ناقدًا أخلاقيًا لانتصارات لم يصنعها.

أي وقاحة هذه؟

صقور الجنوب تُقاتل في وضح النهار، بصدورٍ مفتوحة، ورايةٍ معروفة.

أما ذبابهم، فيختبئ خلف حساباتٍ وهمية، وأسماءٍ مستعارة، وتمويلٍ قذر،

يطعن من الخلف، ثم يصرخ: “نحن موضوعيون”.

لا…

أنتم مذعورون.

مذعورون لأن الجنوب لم يسقط كما تمنّيتم،

ولأن مشروعكم تآكل حتى صار طنينًا بلا مضمون،

ولأن التاريخ قرّر أخيرًا أن يمضي بدونكم.

ليست هذه حرب روايات، بل حرب مصائر.

والصقور حين تحلّق عاليًا لا تسمع الذباب،

لأن الطنين لا يصل إلى ارتفاعات السيادة.

فاطمئنوا…

نحن نعرف أن الذباب يكثر حيث توجد الجثث.

لكننا نعرف أيضًا أن الصقور

لا تموت بالطنين،

ولا تسقط بالضجيج،

ولا تتراجع لأن قاع المستنقع قرر الصراخ.

سيظل الجنوب يُحرَّر بالفعل،

وستظلّون أنتم تُهزمون…

بالصوت.