معاناة الجرحى المعاقين والإهمال المستمر:
بقلم / موسى المليكي.
إن معاناة الجرحى الذين قاتلوا ضد مليشيات الحوثي تمثل شهادة على تضحيات عظيمة قدمها رجال وأبطال لم يتوانوا في الدفاع عن وطنهم وأرضهم. هؤلاء الجرحى لا يزالون يعانون في صمت بعيدًا عن الأنظار، في ظل إهمال متواصل، وتجاهل من قبل الجهات المعنية، ما يزيد من آلامهم ويضاعف معاناتهم.
الجرحى الذين قاتلوا ضد مليشيات الحوثي:
هؤلاء الأبطال الذين تحملوا آلام الحرب وآثارها، سطروا أروع ملاحم الشجاعة في المعركة ضد مليشيات الحوثي، فارتبطت حياتهم بجروحٍ من شظايا المعارك، بعضها جسدي وبعضها الآخر نفسي. لم يقتصر الأمر على إصاباتهم في ساحة المعركة فقط، بل تعدَّت معاناتهم لتشمل تجاهل حقوقهم واحتياجاتهم الأساسية بعد أن أصبحوا في حاجة ماسة إلى الرعاية الصحية والدعم النفسي.
الإهمال الذي يعانيه الجرحى:
الجرحى الذين قاتلوا في صفوف الجيش والمقاومة، لم يحصلوا على العناية اللازمة من قبل السلطات المعنية، رغم أنَّ تضحياتهم كانت أساسًا في سبيل الدفاع عن الوطن. ولكن ماذا وجدوا في مقابل ذلك؟ الإهمال الذي جعلهم يواجهون مصيرًا قاسيًا:
نقص الرعاية الصحية: الجرحى الذين يحتاجون إلى عمليات جراحية مستعجلة أو علاج طويل الأمد، يجدون أنفسهم يتنقلون بين مستشفيات متهالكة أو يلجؤون إلى العلاج البديل في ظروف غير إنسانية.
غياب الدعم النفسي: العديد من الجرحى يعانون من صدمات نفسية شديدة بسبب ما مروا به من معارك وظروف صعبة، ولكن لا وجود لدعم نفسي كافٍ يمكن أن يساعدهم في تجاوز تلك المحنة.
المرافق الصحية المدمرة: في ظل الحرب، تعرضت المستشفيات والمرافق الطبية للتدمير، ما يزيد من معاناة الجرحى الذين يعانون من نقص في الأدوية والخدمات الطبية.
معاناة الجرحى بين الخيام والكنترات:
الكثير من الجرحى الذين قاتلوا ضد مليشيات الحوثي، لا يزالون يعيشون بين الخيام أو في المراكز المؤقتة، حيث البرد القارس وغياب أبسط وسائل الحياة الكريمة. كثيرون منهم يضطرون إلى العيش في "شُبك" أو "كنترات" أو في خيم تفتقر إلى أبسط مقومات الراحة. هذه الظروف تزيد من معاناتهم الصحية والنفسية، في الوقت الذي يحتاجون فيه إلى بيئة صحية تساعدهم على التعافي والشفاء.
العيش في ظروف غير آدمية: الجرحى ينامون في خيم مهترئة تفتقر إلى التدفئة في فصل الشتاء، ما يزيد من خطر تفاقم إصاباتهم نتيجة البرد والرطوبة.
نقص التغذية الأساسية: هؤلاء الأبطال لا يتلقون ما يحتاجونه من غذاء متوازن، ما يضعف أجسادهم ويقلل من قدرتهم على التعافي.
الافتقار إلى العلاج الفوري: جرحى المعارك بحاجة إلى علاج سريع وفعّال، لكنهم يجدون أنفسهم يتألمون بدون الحصول على العناية المناسبة.
أسباب معاناتهم:
. الإهمال الحكومي: رغم الجهود المبذولة من قبل بعض المنظمات الإنسانية، إلا أنَّ الحكومة المحلية لا تزال تتلكأ في تقديم الدعم الكافي للجرحى، سواء من خلال توفير العلاج أو تأهيل الجرحى نفسيًا وجسديًا.
. غياب الدعم الدولي الفعّال: على الرغم من وجود العديد من المنظمات الإنسانية الدولية، إلا أنَّ الاستجابة لم تلبِّ الاحتياجات الحقيقية للجرحى، حيث أن الدعم غير كافٍ وغير مستدام في العديد من الحالات.
. تدمير البنية التحتية الطبية: الحرب الدائرة تسببت في تدمير معظم المستشفيات والمراكز الطبية، ما جعل الوصول إلى العلاج الجراحي أو إعادة التأهيل أمراً في غاية الصعوبة.
. التهميش الاجتماعي: الجرحى الذين قدموا أرواحهم فداءً للوطن يجدون أنفسهم منسيين من قبل المجتمع، ولا تتوفر لهم البرامج التي تضمن لهم حياة كريمة.
. الظروف الاقتصادية الصعبة: غياب التمويل اللازم للمشاريع الصحية والطبية يؤدي إلى حرمان الجرحى من العلاج المناسب، مما يعرض حياتهم للمزيد من الخطر.
كيف يمكننا أن نكون يدًا واحدة؟
اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أصبح من الضروري أن نتكاتف ونعمل سويا من أجل توفير حياة كريمة لهؤلاء الجرحى الأبطال:
. الضغط على الحكومات: يجب أن يكون لدينا صوت موحد في المطالبة بتوفير الدعم الكامل للجرحى، بما في ذلك إنشاء مراكز طبية متخصصة، وتوفير الأدوية والعمليات الجراحية.
. التضامن المجتمعي: يجب أن يتعاون المجتمع المحلي والدولي لدعم الجرحى سواء من خلال التبرعات أو المساعدات الإنسانية أو الدعم النفسي المستمر.
. دعم المنظمات الإنسانية: ينبغي أن نتعاون مع المنظمات الإنسانية التي تعمل على توفير احتياجات الجرحى الأساسية، مثل الطعام، والدواء، والرعاية الطبية.
. توفير بيئة آمنة وصحية: من المهم إنشاء مراكز إيواء مجهزة لتوفير بيئة صحية وآمنة للجرحى تساهم في تسريع عملية شفاءهم.
. رفع الوعي المجتمعي: يجب أن نعمل على نشر الوعي حول معاناة الجرحى من خلال الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، لكي نحث المسؤولين والجهات الدولية على العمل الجاد لتحسين وضعهم.
إن الجرحى الذين قاتلوا ضد مليشيات الحوثي ليسوا مجرد أرقام أو أبطال ماضيين، بل هم جزء من حاضرنا وماضينا، وهم بحاجة إلى دعمنا الكامل الآن. يجب أن نكون جميعًا يدًا واحدة من أجل تحسين حياتهم، وتوفير الرعاية الصحية والنفسية لهم، ورفع المعاناة التي يعيشونها في صمت. لا يمكننا أن نترك هؤلاء الأبطال دون الاهتمام الذي يستحقونه.
لنرفع صوتنا معًا من أجل الجرحى، ولنحارب الإهمال والتجاهل. فلنعمل معًا من أجل أن يعيشوا حياة كريمة، كما عاشوا بشجاعة من أجلنا.