طوفان الأقصى ،، ألف ومائتا شاباً غيَّروا وجه التاريخ !!!!

بقلم:  د. سعيد سالم الحرباجي

بثت قناة الجزيرة يوم الجمعة برنامج ( ما خُفي أعظم ) والذي كشف أسرار طوفان الأقصى وما حدث بتاريخ (  7 / 10 / 2023م ) .

إستقراءً سريعأ لما عُرِضَ في هذا التوثيق يتضح مدى عراقة التنظيم ، ومدى دقة التخطيط ، ومدى كمية المعلومات التي تمتلكها قيادة حماس لتنفيذ  هذه العملية ، ومدى حرفية التنفيذ  ومدى قيمة الانضباط العسكري لمنفذي تلك العملية .

ألف ومائتا شاباً كلهم من حفظة القرآن الكريم ،وكلهم تلقى تدريباً ، وإعداداً ، وتجهيزاً  ( روحياً ، وفكرياً ، وجسمانياً ، وعسكرياً ) ، وكلهم نذر روحه لخدمة قضيته .

أولئك الشبَّان تعاهدوا ، وتواثقوا ، واتفقوا على تنفيذ تلك العملية التي غيرت وجه التأريخ.... وأحدثت زلزالاً هزَّ جميع عواصم أوروبا ، وأمريكا ، وتل أبيب .

أستيقظ العالم صبيحة السابع من أكتوبر على وقع أخبار تلك العملية التي لم يصدقها أحد ، ولم يستوعبها عقل ، ولم يفهم كنهها قادة دول العالم ، وتفاجأ بها الصهاينة ( عجماً وعرباً ) .

ألف ومائتا شاباً شكَّلوا طوفاناً من البر ، والبحر ، والجو ... أغرق ذلك الطوفان  أعتى القلاع العسكرية الإسرائلية ، وحطم أسطورة الجيش الذي لا يُقهر ، واخترق الاسوار الحصينة ..
وما هي إلا لحظات حتى انطلق أولئك الرجال كالنسور الجارحة ، وتجوَّلوا وسط المعسكر -الحصين - كالأسود الضارية ، وداسوا على رقاب اليهود كالفهود القاتلة ، وأستولوا على جميع مقرات أهم ألوية الصهايهة ....
فقتلوا ، واسروا ، وأحرقوا ، وغنموا ، وعاد الغالبية منهم إلى ثكناته سالماً .

كل تلك الإنجازات العسكرية التي تحققت  ،وكل تلك الإرتدادات التي أعقبت ذلك الطوفان ،  وكل تلك الخسائر  في التي مُنِيَتْ بها  إسرائيل تم تنفيذها في ساعات من الزمن { نعم في ساعاااااات فقط } !!!!

وكل تلك البطولات  الأسطورية نفذها شبَّان صادقون ...
لم يتخرجوا من أكاديميات الشرق ، ولم يتدربوا في أكاديميات الغرب ، ولم يتتلمذوا في أعرق الجامعات العالمية ... (كلا وحاشا ).
وإنما تدربوا في المساجد ، وتعلموا في المساجد ، ونشأؤوا في المساجد ، وتخرجوا من المساجد ، وانطلقوا من المساجد ، وعادوا إلى المساجد ..

في جولة من جولات الحوار سُئِلَتْ سفيرة بريطانيا عن قادة حماس فقالت :
لم أر أشجع منهم ، ولا أصلب منهم ، ولا أحرص منهم  ، ولا أفطن منهم .

وهذا ما ترجمته تلك القيادة على الأرض !!
فمن يجرؤ أن يتخذ قراراً كقرار تنفيذ ( طوفان الأقصى ) والمخاطر تحيط به إحاطة السوار بالمعصم ؟
من يستطع أن يقدم على خطوة كهذه وهو يعلم ما سيترتب عليها من إجراءات عالمية قاسية ؟
من يتملك الشجاعة أن ينفذ عملية معقٌّدة وهو محاصر  في قطعة  أرض لا تتجاز مساحتها (  360 كم٢)  وفي ظل تآمر دولي ، وعربي .

كل تلك المعطيات تشي بأنَّ الإقدام على خطوة كهذه { هو ضرب من التهور ، والانتحار} 
وهذا تفوَُّه به ( صهاينة العرب ) عُقَيْب العملية مباشرة ...
حيث ملؤوا أشداقهم شتماً ، وسباً ، وبذاءةً تجاه  قادة حماس ، ووصفوهم بالمتهورين ، واللاهثين 
وراء السلطة على حساب أنات الشعب !!

ولكن قادة حماس أثبتوا بالوقائع  على الأرض أنهم لم يقدموا على تلك الخطوة - التي غيرت مجرى التأريخ - إلا بناءً على معلومات موثوقة ، ومعطيات مدروسة  ،  وتخطيط دقيق   ، ورؤيا واضحة ،  وتصور عميق  .

حيث استطاعوا أن يديروا المعركة باحترافية عالية ،  وبمنهجية علمية دقيقة ، وبوسائل تقنية  حديثة ، وبتكتيك عسكري فاق كل التوقعات .

استخدمت حماس أربع وسائل لإدارة العركة ...
( ملف الأسرى ، الملف العسكري ، ملف الإعلام ، ملف المفاوضات ) .

إستقرأ السنوار نفسيات اليهود ..فوظف تلك الملفات توظيفاً رائعاً ، وأدارها بعناية فائقة ، أربك   كل حسابات  الصهاينة .
وهذا ما جعل ( النتن ياهو ) يصرخ بأعلى صوته ويقول : { نحن نحارب أربعة جيوش }
1 / جيش المخربين ( حماس )
٢/ جيش الجزيرة ( الإعلام ) .
٣/ جيش المظاهرات في الداخل الإسرائيلي .
٤/ جيش الأسرى .

فمن خلال تلك الملفات  استطاعت حماس.....
 أن تتفوق على إسرائيل عسكرياً،وأخلاقياً وإعلامياً ، وتفاوضياً ...
مما اضطرهم ذلك إلى الإذعان لشروطها ، وتوقيف الحرب ، والانسحاب من غزة ...
وعادوا إدراجهم خائبين  ، خاسرين ، منهزمين .

وليس ذلك بحسب ...
بل وخسرت إسرائيل سمعتها ، وخسرت كثيراً من اقتصادها ، وخسر ( النتن ياهو ) شعبه الذي وصل إلى قناعة أنه لم يعد آمناً في فلسطين ، وهاجر أكثر من مليون من إسرائل خلال عام واحد وأعترف قادتها بالهزيمة ....وذرفوا الدموع وهم يصوتون على قرار القبول بالتفاوض مع حماس .

وهكذا أستطاع ( ألف ومائتا شاباً ) أن يحفروا ثغرة في جدار الخزي ، والعار ، وأن  يفتحوا صفحة جديدة من صفحات التأريخ ، وأن يضعوا اللبنة الأولى لبناء المستقبل الجديد ، وأن يعيدوا الأمل لشباب الأمة كي يستلهموا هذه التجربة ، وأن ينهضوا لانتزاع حقوقهم .

ألف ومائتا شاباَ ...
ثأروا لهزائم الجيوش العربية ، ومرغوا أنف إسرائيل في التراب ، وأثبتوا أنَّ السلاح الحقيقي في مقارعة الظلم ( هو سلاح الإرادة ).