الحكمة ضالة المؤمن
في ليلة من الليالي الرمضانية المباركة - وأنا سامر في ديوان الشهيد علي حسن راجح ، الذي يبعد قليلا عن سكن القوم ، ويشكو كثيرا من ندرة الجوار ، لكنه يقع في أرض مستوية مفروشة بالنيس أو السلال الناعم ، الذي يختلف عن الرمل في كبر ذراته أو حباته ، وكذلك في لونه إذ يميل إلى اللون الأسود ، تكسو هذه الأرض المستوية المحيطة بالديوان كثير من الأشجار المتنوعة ، منها على سبيل التمثيل ؛ السمر والسلام والرشح والضب والسنساب والسناء والخامري والصنعام والمسلب والخسع وغيرها ، تقع هذه الأرض المستوية ، المفروشة بالنيس الناعم ، المكسوة بالأشجار الخضراء - لاسيما في مواسم نزول الأمطار - التي تحتضن الديوان بين طورين ؛ الطور الأول يحتضنها من الشمال ، والآخر يسترها من الجنوب ، يقدر ارتفاع الواحد منهما بخمسمائة متر تقريبا ، تتوسد من الغرب مرتفعات جبلية وتمد رجليها شرقا في حواف أرض زراعية ، عرض هذه الأرض لايزيد على كيلومتر واحد تقريبا ، أما طولها فيقدر بثلاثة كيلومترات ، يزيد أو ينقص قليلا ، وتسمى في عرف الصبيحة عشة - بفتح العين وتضعيف الشين - والقمر قد ودع ، وظلام الليل قد عسعس ، واقترب من المنتصف ، والنيس الناعم قد التحف البرودة ، فنعم المضطجع ، وإذا بالكلب ينبح نباحا ينذر بقدوم إنسان .
والديوان يعج بالسامرين ؛ منهم من يكبرني سنا ، ومنهم فتية مازال في عنفوان الفتوة ، وهم الأكثر عددا ، وهنا طلبت من أحدهم أن ينطلق بمعية الكلب ؛ ليعرف من القادم ؟ لم تمض دقائق من الوقت ، وإذا بشيخ وقور يطل علينا من الباب ، فما إن ألق التحية حتى وقف كل من في الديوان ، ابتهاجا بمقدمة ، وتفخيما لاستقباله ... للقصة بقية أيها الأحبة ...