أيها العاملون في العمل الإنساني والخيري… لقد اختاركم الله واصطفاكم، فكونوا أهلًا لهذا الاختيار
العمل الإنساني والخيري ليس مجرد وظيفة أو نشاط يقوم به الإنسان، بل هو رسالة سامية، ومهمة عظيمة، لا يوفق لها إلا من اختصهم الله بقلوب رحيمة وأرواح معطاءة، أن تكون عاملًا في هذا المجال يعني أنك تحمل أمانة ثقيلة، ومسؤولية عظيمة، تستدعي منك الإخلاص، والصبر، والتفاني، لأنك تمثل بارقة الأمل لكثيرين ممن فقدوا كل شيء إلا الثقة في الله، ومن ثم في أهل الخير.
الاصطفاء الإلهي شرفٌ وتكليف ليس كل شخص يُمنح فرصة أن يكون سببًا في تخفيف معاناة الآخرين، فهذا اصطفاء من الله لمن رأى فيهم القلوب النقية، والأيدي البيضاء، والنفوس التي تهوى الخير، وإذا كان الله قد اختارك لهذا العمل، فقد منحك فرصة ثمينة لكسب الأجر، ومضاعفة الحسنات، وبناء إرث خالد في الدنيا والآخرة.
لكن هذا الاختيار ليس مجرد شرف، بل هو تكليف عظيم يستوجب أن تكون أهلًا له بالالتزام والتجرد عن المصالح الشخصية.
لهذا السبب الإنسانية قبل كل شيء، ان العامل في المجال الإنساني يجب أن يكون إنسانًا قبل أن يكون موظفًا، فجوهر هذا العمل هو الرحمة، والتعاطف، والسعي لخدمة المحتاجين دون تمييز أو تحيز، لا ينظر الإنسان الخيّر إلى لون أو دين أو جنسية، بل يرى فقط المعاناة التي تحتاج إلى من يخففها، ويرى الأيادي الممتدة طلبًا للمساعدة، فلا يتردد في تقديم ما يستطيع.
ثم إن الإخلاص أساس النجاح، لا يبارك الله في عمل خالطته المصالح الشخصية، أو كانت غايته السمعة والتفاخر، الإخلاص هو الأساس الذي يجعل أي عمل خيري يثمر ويستمر، وهو الذي يجعل للعامل في هذا المجال قبولًا في قلوب الناس، وأثرًا يبقى حتى بعد رحيله.
فالصبر والاحتساب هما أهم سلاح، فليس طريق العمل الإنساني مفروشًا بالورود، بل هو مليء بالصعوبات والتحديات، من قلة الموارد إلى كثرة الاحتياجات، ومن ضغوط العمل إلى انتقادات الآخرين، لكن من أدرك أن هذا العمل عبادة، وأنه تجارة رابحة مع الله، فلن تضعف عزيمته، بل سيواصل المسير محتسبًا الأجر في كل خطوة.
مع كل هذه العوامل تبرز الاستمرارية والتطوير في العمل الخيري، ليس مجرد مساعدة لحظية، بل هو استثمار في الإنسان والمجتمع، لذلك لا بد من البحث عن حلول مستدامة، وتطوير طرق تقديم المساعدة، والانتقال من الإغاثة إلى التنمية، العاملون في هذا المجال عليهم السعي للتعلم المستمر، والاستفادة من التجارب، والابتكار في خدمة المحتاجين بشكل أكثر كفاءة وفعالية.
وفي الاخير … كن أهلًا لهذا الاختيار، إذا كنت ممن اختارهم الله للعمل في المجال الإنساني والخيري، فاحمد الله على هذه النعمة، وكن أهلًا لها بالإخلاص، والتفاني، والحرص على أن يكون عملك نقيًا وخالصًا لوجه الله، فأنت تعمل في ميدان لا يشبه غيره، حيث الأجر مضاعف، والعطاء لا حدود له، والبصمة التي تتركها في حياة الناس تبقى ما بقيت الحياة.
ودمتم سالمين