بأي عيد أتيت يا عيد؟
العيد على الأبواب، ولكن لا ملامح له عندي، ولا أثر له في وجوه الناس.
كيف يفرح الناس وأبواب بيوتهم موصدة بالألم؟
كيف يستقبلون عيد الأضحى وموائدهم خاوية، وجيوبهم فارغة، وقلوبهم مثقلة بالهموم؟
في ربوع وطني، يغرق المواطن في ظلام يومي، لا بسبب انقطاع الكهرباء والخدمات فحسب، بل بسبب انقطاع الأمل، وانعدام العدالة، وغياب أبسط الحقوق.
هنا، لا يسأل المواطن عن ثوب جديد لأطفاله، بل يسأل:
هل سأتمكن من شراء أضحية العيد؟
هل سأملك ما أُطعم به أطفالي صباح العيد؟
نقترب من أيام عيد الأضحى، وآلاف الأسر لا تملك ثمن الأضحية.
بأي عيد أتيت يا عيد؟
ما الذي يحصده المواطن مقابل صمته وصبره وكرامته؟
لا كهرباء، لا مياه صالحة، لا تعليم حقيقي، لا صحة، ولا دولة حاضرة.
فقط وعود تتكرر، وخيبات تتراكم، ومسؤولون لا يرون ولا يسمعون.
تحوّل العيد من مناسبة للفرح إلى عبء نفسي واقتصادي.
أُسر كاملة تعجز عن شراء حاجيات بسيطة لأطفالها، وآباء يهربون من منازلهم ليلة العيد، خشية نظرات أطفالهم المنتظرين لعبة أو قطعة حلوى.
هذا ليس عيدًا، بل عارٌ أخلاقي على كل من يعتلي منصبًا ولا يشعر بمعاناة شعبه.
إلى من بيده القرار، إلى من يقبض راتبه بالدولار ويعيش في رفاهية:
هل جرّبت أن تُترك شهرًا بلا راتب؟
هل جرّبت أن تقف عاجزًا أمام بقالة تطلب منك دينًا جديدًا؟
هل جرّبت أن تنظر في عيون أطفالك دون أن تملك شيئًا تقدمه لهم؟
إن لم تفعل، فأنت لا تمثّل هذا الشعب.
وإن لم تتحرّك، فأنت جزء من ألمه.
هذه ليست كلمات تُكتب، بل صرخة تنبع من صدر وطن ينهار، ومن أفواه مواطنين طحنهم الجوع والخذلان.
نريد دولة لا تترك شعبها يجوع.
نريد مسؤولين لا يفقدون إنسانيتهم عند أبواب السلطة.
نريد رواتب منتظمة، وخدمات حقيقية، وعدالة تُشعرنا أننا نعيش في وطن لا في منفى.
العيد قادم، لكن الفرحة غائبة.
فهل من قلب يسمع؟
هل من ضمير يستيقظ؟
أم أن الرحمة لم تعد صفة تُذكر في قاموس الحاكم؟
لكننا نؤمن أن الأمل لا يموت، وأن الصمت لا يصنع التغيير.